اقتصاديو العرب

مشروع رأس الحكمة

مشروع رأس الحكمة

مشروع رأس الحكمة

بعد تعرضها لاضطرابات اقتصادية قوية..مصر تفتح الآفاق لاستثمارات بمليارات الدولارات

شهد الاقتصاد المصري العديد من الاضطرابات الاقتصادية خلال السنوات الماضية القليلة، وبدأت الاضطرابات الاقتصادية في مصر منذ عام 2022 عندما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، فضلا عن رفع تكلفة القمح والوقود المستورد، إلى جانب هروب مستثمري السندات بشكل جماعي حينذاك، وسحب نحو 20 مليار دولار.

كما أدت حرب إسرائيل مع حركة المقاومة الفلسطينية حماس في قطاع غزة إلى تفاقم الضغوط، مما تسببت في نقص في الإيرادات السياحية للبلاد، حيث ابتعد السياح عن شواطئ مصر ومواقعها الأثرية، بينما تسببت الهجمات التي شنها المسلحون الحوثيون في البحر الأحمر على السفن التجارية المارة في تراجع حركة المرور عبر قناة السويس – وهي مصدر دخل مهم لمصر، حيث هبطت إيرادات قناة السويس لحوالي 50% في يناير 2024 على أساس سنوي.

وبحسب تقرير صندوق النقد الدولي، تضررت عائدات السياحة وقناة السويس – مصدرين مهمين للنقد الأجنبي في مصر- حيث وصلت إيرادات مصر السياحية إلى 13.6 مليار دولار خلال السنة المالية 2023/2022، بينما بلغ متوسط إيرادات الحساب الجاري لقناة السويس أكثر من 700 مليون دولار شهريا.

وفي الأسابيع الماضية، كانت مصر إلى جانب الولايات المتحدة وقطر، وسيطا رئيسيا في محادثات وقف إطلاق النار، كما تحاول البلاد إدخال المزيد من المساعدات إلى غزة، على الرغم من مقاومة دعواتها لاستقبال مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، موضحة إن ذلك من شأنه أن يقوض قضيتهم من أجل إقامة دولة مستقلة ويشكل تهديدا أمنيا إذا جاء مقاتلو حماس معهم.

وكخطوة لإنقاذ اقتصادها من الانهيار، انتقلت مصر في غضون 10 أيام فقط من حافة الكارثة الاقتصادية إلى إطلاق أكثر من 40 مليار دولار من الاستثمارات والقروض من دولة الإمارات العربية المتحدة وصندوق النقد الدولي، وذلك مع احتمال وصول المزيد من الاستثمارات من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أيضا.

لقد وقعت مصر منذ أسبوعين عقدا لتطوير مشروع رأس الحكمة (طوق نجاة) بشراكة إماراتية، بحيث يتم استقطاب استثمارات تزيد قيمتها عن 150 مليار دولار خلال فترة تطوير المشروع، تسلمت مصر منهم 10 مليارات دولار كدفعة أولى، فين تتضمن المشروع نحو 35 مليار دولار استثمارا أجنبيا مباشرا لمصر خلال شهرين.

وفي سياق متصل، قامت مصر الأسبوع الماضي بأكبر زيادة على الإطلاق في أسعار الفائدة، وسمحت لعملتها بالانخفاض بنسبة تزيد على 38% من خلال التعويم الذي طال انتظاره، وكذلك، أعلنت أن حزمة الإنقاذ الحالية لصندوق النقد الدولي ستتم مضاعفة قيمتها إلى 8 مليارات دولار.

وكانت هذه التحركات تتويجا للجهود العالمية – بقيادة دول الخليج الغنية بالنفط وعلى رأسها دولة الإمارات العربية، وبالإضافة لصندوق النقد الدولي بدعم من الولايات المتحدة، لتحقيق الاستقرار في مصر، التي تضررت من ارتفاع التضخم أثر الحرب والأزمات الاقتصادية، وأشاد المستثمرون الأجانب بهذا التحول متوقعين أن تجتذب مصر مليارات الدولارات من تجار السندات في الشهور المقبلة.

ونتيجة للإجراءات التي اتخذتها مصر، غيرت وكالة التصنيف الائتماني العالمية موديز نظرتها المستقبلية للديون السيادية المصرية إلى إيجابية من سلبية، مع تثبيت تصنيف البلاد الائتماني عند CAA1، مما يعكس الدعم الرسمي والثنائي الكبير المعلن والخطوات السياسية الملحوظة التي اتخذتها مصر الأسبوع الماضي، والتي إذا استمرت ستدعم إعادة التوازن للاقتصاد الكلي.

بقلم: جهاد أبوالوفا أحمد عبداللاه –  باحثة ومحررة اقتصادية