اقتصاديو العرب

أزمة البحر الأحمر وتداعيتها على الاقتصاد العالمي

أزمة البحر الأحمر وتداعيتها على الاقتصاد العالمي

أزمة البحر الأحمر وتداعيتها على الاقتصاد العالمي

تزامنا مع بداية الصراع في منطقة الشرق الأوسط بين حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) والقوات الإسرائيلية في أوائل أكتوبر الماضي، شنت جماعة الحوثي في اليمن هجمات مكثفة على السفن التجارية المارة في البحر الأحمر منذ منتصف شهر نوفمبر 2023، وردا على ذلك قام تحالف من الدول الغربية وكان على رأسه الولايات المتحدة بالانتقام من أهداف الحوثيين ونشر قوات بحرية لحماية السفن التجارية، وهذا الأمر تسبب في واحدة من أكبر الاضطرابات في التجارة العالمية منذ جائحة كوفيد 19.

ويعد البحر الأحمر ممراً ملاحيا لقناة السويس، حيث يتم نقل أكثر من 15% من التجارة الدولية من حيث الحجم عن طريق البحر الأحمر، وأيضاً، يمر نحو 30% من تجارة الحاويات العالمية عبر قناة السويس، لذا؛ فإن استمرار التوترات في البحر الأحمر وتصاعدها قد يسبب أزمة عالمية كبرى في سلاسل التوريد، وتعطيل عمليات الشحن التجاري.

ومع استمرار التوترات في البحر الأحمر شهدت قناة السويس اضطرابات كبيرة دفعت شركات الشحن الكبرى إلى تغيير مسارها حول رأس الرجاء الصالح، قال صندوق النقد الدولي بأن حركة الحاويات في البحر الأحمر انخفضت بنسبة 30% تقريبا منذ أواخر العام الماضي.

وفي هذا الشأن، حذر الرئيس التنفيذي لشركة الشحن البحري الدنماركية الكبرى ميرسك، فنسنت كليرك، من استمرار تعطل حركة الملاحة العالمية الناجم عن الهجمات على السفن في البحر الأحمر، وأشار إلى أن مثل هذا الوضع سيزيد من فترات عبور السفن، فضلا عن خلق اضطرابات في سلسلة التوريد لبضعة أشهر على الأقل، معبرا عن تشاؤمه، نظرا لأن هناك ما يقرب من 20% من التجارة العالمية تمر عبر مضيق باب المندب، حيث يعتبر أحد أهم شرايين التجارة العالمية وسلاسل التوريد العالمية.

وإلى جانب ذلك، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على هامش معرض مصر للطاقة (إيجبس 2024)، الأسبوع الماضي، عن انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 40-50% حتى الآن، بسبب تضررها من هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، بالإضافة إلى الآثار الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية والتداعيات المستمرة لوباء كوفيد 19.

وأثناء حديثه عن تأثير الحرب بين إسرائيل وحركة حماس والتوترات الأخرى عبر الحدود، قال السيسي بأن قناة السويس التي كانت تجلب لمصر ما يقرب من 10 مليارات دولار سنويا، شهدت الآن انخفاضا حادا في إيراداتها، ومع ذلك، أكد السيسي على أن مصر ستستمر في الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه شركات البترول وشركاء التنمية، بما في ذلك المؤسسات المالية المختلفة.

وكان رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع قد أعلن في شهر يناير الماضي؛ عن انخفاض حركة مرور السفن في قناة السويس بنسبة 30% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، نتيجة لتصاعد حدة التوترات في المنطقة بين القوى الغربية والجماعات الحوثية في اليمن، كما هبطت الإيرادات المقابلة بالدولار بنسبة 40%، وكذلك؛ انخفض إجمالي حركة الشحن بنسبة 41%.

ما الاضرار المترتبة على استمرار التوترات في البحر الأحمر؟

أشارت العديد من المؤسسات العالمية إلى أن هجمات البحر الأحمر تسببت في أكبر عملية تحويل للتجارة العالمية منذ عقود، إذ دفعت الهجمات أكبر خمسة خطوط شحن في العالم، والتي تمثل حوالي 65% من طاقة الشحن العالمية، إلى تعليق المرور عبر قناة السويس، مع انخفاض حركة المرور بنحو 40% منذ بداية ديسمبر الماضي، مما أدى إلى انخفاض الشحن بنسبة 45%، ولهذا السبب تشير التوقعات إلى احتمالية أن يشهد العالم لأزمة سلاسل توريد كبيرة وارتفاعات كبيرة في أسعار السلع العالمية، وفقا لبيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.

وبالإضافة إلى ذلك، قال البنك الدولي بأنه من المتوقع أن تؤثر الزيادات في أوقات الشحن وتكاليفه بشكل أكبر على الاقتصاد العالمي، الذي يشهد أبطأ نمو له منذ نصف عقد وذلك منذ 30 عام، حيث أن ارتفاع تكاليف الشحن قد يؤدي إلى الضغط على أسعار السلع الاستهلاكية، وبالتالي زيادة معدلات التضخم.

وفيما يتعلق بأثر أزمة البحر الأحمر على مصر، قال صندوق النقد الدولي بأنه من المتوقع أن تتلقى مصر، الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في الشرق الأوسط، ضربة كبيرة على المدى القصير، نظرا لانخفاض عائدات قناة السويس.

بقلم: أ/جهاد أبوالوفا أحمد