اقتصاديو العرب

invest, money plant, investment

تحديات الاستثمار الأجنبي المباشر في ظل المستجدات التشريعية المعاصرة

بقلم د. عمرو محمد يوسف محمد

“عضو هيئة تدريس قسم الاقتصاد والتشريعات المالية أكاديمية الإسكندرية – وزارة التعليم العالي زميل الجمعية المصرية للمالية العامة والتشريع الضريبي عضو جمعية الاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع عضو جمعية الضرائب المصرية عضو منصة أريد للباحثين الناطقين باللغة العربية عضو قسم الفتوى والتشريع والعقود بالإدارة القانونية بمكتب وزير التضامن الاجتماعي سابقًا”

لعل السبب الرئيسي في الاهتمام التشريعي والقانوني من قِبل معظم الدول الساعية إلى جذب وتشجيع روافد الاستثمار الأجنبي المباشر، هو ما لهذه الاستثمارات من انعكاسات إيجابية تُلقي بظلالها على تنمية وتعظيم موارد تلك الدول اقتصاديًّا؛ حيث تعمل تلك الدول على تسخير البيئة الملائمة لجذب تلك الاستثمارات عن طريق وضع القواعد وعوامل الجذب لتلك العمليات, ويمكن إرجاع ذلك إلى أسباب عدة؛ فهي وسيلة هامة لتحريك مؤشرات الدول الاقتصادية إلى الأمام؛ إذ تُعَد عمليات الاستثمار الأجنبي المباشر تلك مصدرًا هامًّا لدعم موازين تلك الدول الاقتصادية، بالإضافة إلى توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل خطط التنمية المستدامة، التي تطمح إلى تحقيقها الدول يومًا ما.

كما تعتبر تلك العمليات الاستثمارية من أهم وسائل التبادل الثقافي بين تلك الدول عن طريق مجموعة العمليات التجارية المختلفة المتولِّدة نتاج تلك الاستثمارات, إضافةً إلى أنها تخلق العديد من فرص العمل؛ حيث تحتاج المؤسسات الاقتصادية الوطنية، نتيجة استدعاء وتشجيع تلك الاستثمارات عادةً، إلى عدد كبير لا يستهان به من الأيدي العاملة، إضافةً إلى توفير البيئة الملائمة والمناسبة لها؛ ولذلك تُعَد تلك الاستثمارات إحدى أهم الركائز والدعائم القوية التي تعتمد عليها اقتصاديات تلك الدول.

وتؤكِّد لنا الوقائع التاريخية هذه الأهمية؛ فخلال النصف الثاني من القرن الماضي، أدَّى الاستثمار الأجنبي المباشر دورًا هامًّا وأساسيًّا في دعم نمو اقتصاديات الدول النامية, لا سيما خلال العقدين الماضيين اللذين شهدا زيادة كبيرة في حجم التدفقات الاستثمارية. وتفسِّر تلك التغييرات التي طرأت على هيكل الاقتصاد العالمي معظم تلك الزيادة؛ وهي “الاتجاه نحو اقتصاد السوق في معظم الدول النامية، وتحرير نُظم التجارة والاستثمار, فضلًا عن زيادة مساهمة هذه الدول في التكامل الاقتصادي العالمي”.

أما عن المؤشرات والعوامل التي تعتمد عليها تلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة وشركاتها المتعددة الجنسيات والعابرة للحدود في الاختيار بين الدول المعنية؛ فهي تعتمد اعتمادًا أساسيًّا على توافر بعض المعايير للمفاضلة بين الدول المضيفة للاستثمار؛ حيث تتنوَّع تلك المعايير بين سياسات تتخذها تلك الدول لجذب هذه الاستثمارات، ومجموعة من الحزم الإجرائية لتيسير أعمالها, بالإضافة إلى بعض إجراءات التشجيع والتسهيل لتلك العمليات. وهناك أيضًا مجموعة من المعايير المتعلقة بالمواصفات التي يجب أن تتمتع بها الدولة المضيفة عن غيرها من الدول؛ ممَّا يجعلها مكانًا أكثر تنافسيةً وجذبًا لتلك الاستثمارات، لتتميز بها عن مثيلاتها من الدول الأخرى، ولتصبح إقليمًا جاذبًا لا طاردًا لتلك الاستثمارات.

وتقع مجموعة الحزم المسؤولة عن تقنين هذه الاستثمارات من بين أحد أهم تلك المحددات الجاذبة لتلك العمليات؛ كالسياسات الضريبية المتخذة, وكذا التشريعات الاستثمارية والقوانين الأخرى المنظِّمة، والتي تتصل بتلك الاستثمارات بشكل مباشر؛ ممَّا يجعلها معيارًا له وزنه ومعياريته للمفاضلة بين دولة وأخرى, لما تحمله من تيسيرات عدة وحوافز ممنوحة لتلك الاستثمارات، بالإضافة إلى التخفيضات والخصومات الضريبية؛ حيث باتت لدى تلك المشروعات ركيزة أساسية؛ وهي تعظيم وتنمية أرباحها، وحماية زمن المشروع من الهدر بسبب الإجراءات الإدارية العقيمة، إن صح تسميتها بذلك. وهذا لن يتحقَّق إلا بانخفاض تكلفة مشروعاتها عن طريق تقليل وتخفيض ما تلتزم به تلك المشروعات من أعباء مالية وضريبية, بالإضافة إلى ضرورة وجود قوانين وتشريعات من شأنها أن تذلِّل العقبات، وأن تختزل عامل الوقت المهدر في تلك الإجراءات الممهدة لعمل تلك الاستثمارات، إيذانًا ببداية نشاطها وعملها.