اقتصاديو العرب

الاقتصاد الأردني

الاقتصاد الأردني وأبرزالتحديات والمحطات الاقتصادية الحرجة التي مرّ بها

الاقتصاد الأردني يُعتبر من الاقتصادات الناشئة والمفتوحة على العالم الخارجي، وهو اقتصاد صغير الحجم ومحدود الموارد مما يجعله أكثر عرضة للصدمات الخارجية، وعانى منذ عقود جراء الأزمات والإضطرابات الإقليمية والدولية التي حدثت، فضلاً عن التحديات الاقتصادية الأخرى التي تواجهها الحكومات الأردنية، كمعدلات البطالة العالية المزمنة، والبطالة المقنَّعة، والعجز في الميزانية والحساب الجاري، والديون الحكومية.

وفي هذا المقال نستعرض أهم المحطات الحرجة التي واجهت الاقتصاد الأردني خلال العقود الماضية.

أزمة الجنيه الإسترليني عام 1967

قبل عام 1967 كان الجنية الإسترليني هو العملة الرئيسية لمعظم احتياطات العملة في البنوك المركزية في مختلف دول العالم، وقد ارتبط الدينار بالجنيه الإسترليني بسعر صرف ا جنيه استرليني مقابل 1 دينار أردني، وقد بقي كذلك حتى شعر تشرين ثاني من عام 1967.

تاثر الجنيه الإسترليني بعدة عوامل أهمها: اغلاق قناة السويس وتوقعات انضمام بريطانيا الى الاتحاد الأوروبي، فانخفض سعر صرف الجنيه الإسترليني بنسبة 14.3% مقابل الدولار الامريكي، ونتيجة ذلك بدأت موجة عمليات بيع الجنيه الاسترليني، وأدى ذلك الى ظهور مشكلتين رئيستين أمام الأردن وهي: انخفاض قيمة الموجودات بالجنيه الإسترليني، والثانية الآثار السلبية للمعاملات المصرفية المحررة بالجنيه الإسترليني، وقدرت الخسارة من جراء ذلك بقيمة 6.4 مليون دينار تحملها البنك المركزي الأردني وأصبح كل جنيه استرليني يعادل 857 فلس أردني.

نتيجة قرار الرئيس الامريكي عام 1971 بالتوقف عن تحويل الدولار الى ذهب في المعاملات الدولية، توقف البنك المركزي عن التعامل بالعملات الأجنبية واصبح التعامل عن طريق الدولار الأمريكي، وتم تثبيت سعر صرف الدينار الأردني مع الدولار الأمريكي بحيث يعادل كل دينار أردني 2.8 دولار أمريكي.

أزمة سعر صرف الدينار الأردني (1988-1989)

في بداية الثمانينات من القرن الماضي تاثر الاقتصاد الأردني بعديد من العوامل السلبية، ناتجة عن التطورات السياسية والأمنية في المنطقة وانخفاض أسعار النفط العالمية مما خفض حجم التدفقات الخارجية والمساعدات العربية مما دفع الحكومات الأردنية الى اللجوء الى الإقتراض مما رفع حجم المديونية الحكومية وتكلفة خدمة الدين مما استنزف احتياطيات البنك المركزي.

وتبين في عام 1985 أن سعر صرف الدينار مبالغ فيه مما دفع بالبنك المركزي بإدارة سلة من العملات تعكس نمط التجارة الخارجية للأردن الأمر الذي أدى اللى انخفاض سعر صرف الدينار الأردني بنسبة 16% مقارنة بالسعر المحدد عام 1975. ولذلك قام البنك المركزي بتعويم سعر صرف الدينار الأردني في منتصف تشرين ثاني عام 1988 ونتج عنه انخفاض سعر صرف الدينار الأردني مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 20.8% .

عانى الاقتصاد الأردني من ارتفاع نسبة الدين الخارجي الى الناتج المحلي حيث وصلت الى 174%  ووصل عجز الحساب الجاري الى 14% من الناتج، كذلك ظهرت أزمة بنك البتراء وتراجع احتياطيات البنك المركزي، وتزايدت الضغوطات على سعر صرف الدينار، بسبب خلق سوق موازية من قبل الصرافين لصرف العملات الأجنبية حيث اتسع الهامش بين سعر صرف الدينار لدى الصرافين وبين المعلن عنه من قبل البنك المركزي، قام البنك المركزي بالغاء محلات الصرافة وتم ربط الدينار الأردني بالدولار الأمريكي.

قام البنك المركزي باتخاذ عدة تدابر لمعالجة الاختلالات السابق ذكرها حيث أعاد ربط الدينار الأردني بسلة من العملات بنهاية شهر ايار عام 1989، وقام بتزويد البنوك ومحلات الصرافة بمبالغ مقطوعة من العملات الأجنبية، وقام بالتدخل في سوق العملات الأجنبية وغيرها من التدابير الاخرى.

كذلك حصل الأردن على عدة منح وودائع بالعملات الأجنبية من الدول العربية، وتم الدخول في برامج التصحيح الاقتصادي واعادة جدولة الديون الحارجية، وتم رفع سعر الفائدة على التسهيلات المباشرة للأفراد، الأمر الذي أدى الى توحيد سعر صرف الدينار الأردني وأعاد إليه الإستقرار بداية عام 1990 وبلغ سعر الصرف الوسطي 672 فلس لكل دولار أمريكي، وتم إعادة فتح محلات الصرافة عام 1992 والعاء جميع القيود عن المدفوعات التجارية المنظورة وغير المنظورة والمدفوعات الرأسمالية والتعامل بالذهب عام 1997.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد الريعي والدولة الريعية ….أيهمها يولد الآخر

برنامجا التصحيح ” ترتيبات الاستعداد الائتماني” (1989-1991، 1992-1994)

هدفت برامج التصحيح الى اعادة هيكلة الاقتصاد الأردني وزيادة الاعتماد على الذات وزيادة فرص النمو الحقيقي وتعزيز الثقة بالدبنار الأردني، وتنشيط دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني وتحسين كفاءة الانفاق الاستثماري في القطاع العام.

كما اشتمل هذان البرنامجان على مراجعة شاملة للبرنامج التنموي وأولوياته بهدف بهدف توجيه الاستثمار نحو المشاريع الانتاجية، وتحديث النظام الضريبي وذلك بمشاركة القطاع الخاص وبالتعاون مع البنك الدولي، وأيضاً ركز البرنامجان على تحسين الأداء الخارجي للاقتصاد الوطني وبما يضمن تعزيز احتياطيات المملكة من الغملات الاجتبية، والى تبني سياسات مالية ونقدية وتجارية ملائمة.

كما استهدف البرنامج تخفيض العجز في الحساب الجاري نسبة الى الناتج المحلي الإجمالي، واستمرار الحصول على مساعدات مالية بالحجم المطلوب، وتحسين وضع رأس المال من خلال إعادة جدولة الديون الخارجية (نادي باريس ونادي لندن).

برنامجا تسهيل الصندوق الممتد (1994-1996، 1996-1999)

بدأ الأردن وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي برنامج تسهيل الصندوق والذي بدأ عام 1994 وامتد لثلاثة اعوام، بقيمة 181 مليون دولار أمريكي، وذلك بهدف الحفاظ على معدلات نمو جقيقي قي الاقتصاد بنسبة أعلى من 6% والحفاظ على مستويات مقبولة من التضخم وإكساب الاقتصاد الأردني المرونة اللازمة لمواجهة الصدمات الخارجية.

حقق هذا البرنامج الأثر الإيجابي المطلوب على مستوى الاقتصاد الكلي ففي الفترة 1994-1995، نما الناتج المحلي بنسبة أعلى من المستهدف، كذلك كانت نسبة التضخم أفضل من المستويات والمعدلات المستهدفة من البرنامج وتحسنت الصادرات الوطنية .

وتبع البرنامج الأول الذي انتهى عام 1996، برنامج ثاني من عام 1996 الى عام 1999 بقيمة 295 مليون دولار أمريكي، بهدف تكثيف جهود الإصلاح المالي والهيكلي والإستفادة من الفرص الناشئة عن عملية السلام لتحقيق ورفع كفاءة الاأداء الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو أعلى من 6% وزيادة فرص التشغيل والحفاظ على الإستقرار النقدي.

مرض ووفاة المغفور له الملك حسين (1998-1999)

كان لمرض ووفاة الملك حسين عامي 1998 و1999 أثراً كبيراً على أداء الاقتصاد، بسبب ظروف القلق والترقب التي اثرت على الأجواء الاقتصادية، كذلك حالة الركود الاقتصادي التي سادت النطقة بسبب حرب الخليج وحصار العراق وتدني أسعار النفط.

وشهدت احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية تراجعاً واضحاً، إذ انخفضت بنسبة 35% مقارنة بمستواها عام 1997، لكن كانت للسياسة النقدية للملكة قدرة عالية على التعامل مع تلك الظروف، وبفضل التدابير التي اتخذها البنك المركزي استطاع اعادة بناء الاحتياطيات الاجنبية ولم تجري أي عمليات تعيق عملية تحويل الدينار الى أي من العملات الأجنبية.

برنامج تسهيل الصندوق الممتد (1999-2002)

تم الإتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج يمتد لثلاث سنوات من عام 1999الى عام 2002، لتعزيز الانتعاش الاقتصادي ليتراوح معدل النمو الحقيقي بين 3-4% والحفاظ على معدل تضخم منخفض وتعزيز الاحتياطيات الأجنبية، وذلك من خلال ضبط أوضاع المالية العامة واستمرار ربط الدينار الأردني بالدولار الأمريكي واتحاذ اصلاحات هيكلية واسعة النطاق.

وفي نهاية البرنامج تم تحقيق العديد من الأهداف  فقد نما الناتج الحقيقي بمعدل 5.3% في عام 2001، وبقي معدل التضخم منخفضاً فقد كان 1.8% في نفس العام، وارتفع مؤشر بورصة عمان بنسبة 30%.

برنامج ترتيبات الاستعداد الائتماني (2002-2004)

كانت الدولة الأردنية طموحة لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تحققت بالبرنامج الذي انتهى عام 2002، فتم الدخول ببرنامج للتسهيل الائتماني مع صندوق النقد الدولي بهدف رفع معدل النمو الاقتصادي وتحسين معيشة المواطنين، وتم وضع العديد من التدابير الهيكلية مثل اصلاح نظام التقاعد، واصلاح النظام الضريبي واعادة النظر باسعار المشتقات النفطية، وتكللت جهود البرنامج بالنجاح وتعافى الاقتصاد بقوة عام 2004 فقد نما بنسبة 6% وانخفض عجز الموازنة ليصل الى 3.4 من الناتج وانخفضت نسبة الدين العام الى الناتج لتصل 92%.

اقرأ أيضاً: ماذا تعرف عن السندات السيادية

الأزمة المالية العالمية عام 2008

نظرأً لانتهاج الأردن مبادئ السوق المفتوح والإنفتاح على العالم، فقد تأثر بالأزمة المالية العالمية عام 2008 ، التي بدأت شرارتها من أمريكا وسريعاً ما أصابت مختلف دول العالم، ولكن كان أثره على القطاع المصرفي ضئيلاً نظراً لتعرضه المحدود لأسواق العقارات والأسهم العالمية.

تحديات الربيع العربي عام 2010

تأثر الأدرن بتداعيات الربيع العربي التي حصلت في عدد من الدول العربية وخصوصاً الدول المجاورة، حيث ارتفعت الفاتورة النفطية نظراً لانقطاع امدادات الغاز المصري وارتفاع أسعار النفط عالمياً، كما تراجعت الصادرات الوطنية والتدفقات الاستثمارية الواردة والدخل السياحي مما أدى الى تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في المملكة، والى ارتفاع الدين العام وانخفاض الاحتياطيات الرسمية من العملات الأجنبية بشكل كبير.

برنامج تسهيل الاستعداد الائتماني (2012-2015)

لمواجهة تلك الصدمات الاقتصادية التي تم ذكرها، تبنت الحكومة برنامج للإصلاح الاقتصادي بدعم من صندوق النقد الدولي بقيمة 2 مليار دولار، وذلك لتحقيق ثلاث اهداف رئيسية وهي الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتوفير فرص افضل لفئات المجتمع الفقيرة، ودعم النمو والوضع الخارجي في الأمد المتوسط.

1 فكرة عن “الاقتصاد الأردني وأبرز التحديات والمحطات الاقتصادية الحرجة التي مرّ بها”

  1. Pingback: حوكمة الشركات: التعريف، والمبررات، والأهمية، والمبادئ، والأهداف - اقتصاديو العرب

التعليقات مغلقة.