اقتصاديو العرب

السرقة العلمية

مكافحة الفساد في البحث العلمي

مكافحة الفساد في البحث العلمي

لا البرامج، ولا الخبير قادر على منح تقييم صالح للابد، لأي بحث علمي، ان التقييم مؤقت لحين كشف جديد على مستوى تفاعل البحث مع المختصين والمهتمين، لاينبغي اعتبار هذه المراحل نهائية،, هي مرتبطة بظرفها المعين، هنالك من البحوث ما تم كشف سرقتها العلمية وقد مر عليها سنوات طوال، وقد تم تضمينها في مناهج دراسية واعتمادها كمصدر اساسي في مجالات العلوم والاداب وغيرها، وعلى مستوى العالم لا يوجد موضوع اكثر رواجا منذ ظهور البرامج المنتشرة لكشف السرقة العلمية، الا تطابق النصوص باعتباره اغبى طريقة للسرقة وفضيحة للمجتمع العلمي، لابد من انهاء اسبابها لانعدام الثقة في النتاج المعرفي وهذا حاصل في البلدان التي تمنح فرصة النقد العلمي مجالا ليكون له مساهمة في بناء تطور البحث العلمي، بعكس ذلك لن يعترف بمخرجات مؤسساتها الاكاديمية في المجتمع العلمي.

حينما يعد برنامج لاظهار نتيجة يكون العامل الحاسم فيها هو المستخدم، مثلا عند استخدام حاسبة لجمع عددين وتم ادخال ارقام غير مطلوبة عن طريق الخطأ، تعتبر النتيجة خاطئة بالطبع، وليس لهذا البرنامج اي دور في اختيار النتيجة، فقد تم اعداده ليظهر النتيجة التي تعتبر خطأ، بنفس الوقت بالامكان اعداده لاظهار النتيجة الصحيحة، فضلا عن ذلك ان اجتياز اختبار برامج كشف السرقات العلمية ليس لها الحكم النهائي، فهذه البرامج تبحث عن وجود تطابق بين النص الوارد في البحث المنشور وبين نصوص في منشورات اخرى، اي المنشور او المزود به البرنامج فقط، كما لا يمكن اعتبار التطابق هو الدليل الوحيد على وجود سرقة علمية، لذا لا يوجد حكم مطلق لبرامج كشف السرقة في البحوث العلمية، فهي تؤكد تطابق النص، لا سرقة العلم، والذي هو اكثر خطورة واهمية، ولن يتمكن حتى اكثر برامج الذكاء الاصطناعي تطورا من كشفه، وذلك لاعتماده على الاسبقية، فوجود نص سبق نص، جعل من الاول اصيل والثاني مزور، ولما كان الاول غير منشور او لم يتم اعلام البرنامج به من خلال تزويده بقاعدة معلومات، اصبح المزور هو الاصيل بحكم الاسبقية، وهذا الحد الزماني ليس عاملا حاسما لكشف السرقة العلمية، هي سرقة بالفعل، لكنها غبية لدرجة يصعب وصفها بالعلمية.

العلم حينما يسرق ويستثمر لمصالح شخصية لباحث فاشل يكون واضحا لدرجة تعدت سرقة نص من باحثين اخرين، بل هو مضحك ان يعد النص المسروق دليلا دامغا، في حالة وجود شكل البحث الغير علمي، فالكشف من خلال البرامج لا يعيبها، بل من يستخدمها، وحتى لو تم استخدامها بشكل صحيح.

يمكن تجاوز الاختبار، ودليل ذلك الكم الهائل من البحوث التي يتم الكتابة عن فضيحة هنا وهناك في مقالات متنوعة المجالات، وقد تم بالفعل اجتيازها لبرامج على تنوعها لايمكن حصر وجود الافضل منها ولا حتى الاسوأ، فهذه البرامج هي ذاتها تؤدي المهمة بشكل يساوي ما بينها مع بعض الفروقات الغير جوهرية، فهنالك تنافس على سرعة الانجاز والدقة في كشف التطابق ما بين النصوص لا غير، التنافس تقني تجاري بحت، مع ان وجود المستخدم الخبير يحدث فرقا كبيرا عند استخدام حتى اسوأ الانواع من هذه البرامج، حتى المجانية منها، وليس الخبير هو السبب، بل انه يحتل ذات القيمة التي يحتلها البرنامج، فهو خبير بالبرنامج لا بمجال البحوث التي يتم اختبارها فيه، وحتى لو كان صادقا لاقصى حد في امانته المهنية، لابد من تأكيد ان عملية البحث عن تطابق بين النصوص لو جرت بافضل وانزه خبير واغلى واحدث برنامج، لا بديل عن نقد البحث العلمي.

يقارن برنامج كشف السرقة ما يخزنه في الذاكرة التي تحفظ ما سبق من النصوص الغير منشورة، فضلا عن ذلك يبحث ويقارن بين المنشور منها ايضا، وبهذه المقارنة يعتمد شكل النص، وعوامل تقنية اخرى، هنا يقف عند حدود النص، لا مفهومه، بالتالي يأتي دور الخبراء لكي يتم تقييم البحث علميا، ودور الخبير تعدى دور البرنامج، وكأن البرامج وجدت لازاحة دور الذاكرة عن كاهل الخبير، بينما دوره يتجاوز الذاكرة بالضرورة، لكن وجود الحاجة التي ادت الى اختراع هذه البرامج يوضح ان الخبراء كانوا يفحصون البحوث بطريقة المقارنة مابين النصوص.

ولما لهذه العملية من بذل جهود تركز على الذاكرة تحديدا، تم الاستعانة تقنيا ببديل يسرع منها، وهنا يمكن القول جزافا، ان الخبير فقد جزءا مهما من عمله بوجود البرامج، والذي تبقى له لن يكون المقارنة النصية، بل يجب ان تكون هنالك اليات اكثر بعدا عن عمل البرامج، لأن وجود نتيجة اختبار لبرنامج حول بحث ما لا يمكن ان تتعارض مع وجود نتيجة حول البحث نفسه من قبل الخبير، ان تم اعتماد مقارنة النصوص من قبل الخبير كما يفعل البرنامج، والا لابد من ظهور تناقض بين حكم الخبير وحكم البرنامج، وفي هذه الحالة لن يكون الحكم واضحا، بل لابد ان تتوقف الاجراءات المتساوية في الهدف المختلفة في النتيجة، فلا وجود لمقارنة مابين دقة البرنامج والخبير، في المقارنة، لو كانت المدخلات تهدف لنتائج صحيحة بالطبع، لذا يمكن للخبير ان يؤدي دورا اخر، لا يقوم به البرنامج، يتجاوز المقارنة بين النصوص، ويقوم على دراسة العلاقة ما بينها، واكثر من ذلك، لينتهي بتقييم علمي، عن طريق دراسة نقدية للبحث، وتقييم الخبير ايضا قابل للنقد، فما يحظر حوله النقد لا يمت للعلم ولا البحث العلمي.

اذا كانت الترجمة خيانة ولن تكون دقيقة اطلاقا والخطأ فيها وارد لا محالة، فماذا يقال عن نقل اقتباس من مصدر من نفس اللغة التي يكتب بها البحث، ولا يكون دقيقا، بل لا يكون حتى قريبا، انما يصف شيئا آخر لا يمت للاصل بأي صلة، وبشكل مقصود لكي يتم استخدامه لأنجاز اكثر من بحث، ومن ذات الاقتباسات وذات المصادر، فضلا عن ذلك ان المصطلح غير قابل للتزوير، بغض النظر عن اللغة، لأنه بالضرورة متفق عليه علميا.

في عملية انجاز البحث العلمي، قد تكون قريبة من هذا الوصف عندما يتم ترجمة الاعمال الفنية والادبية، فلن تصل الى المعنى الحرفي، لأن النقل اللغات تختلف في طبيعة تعبيرها، وفي البحث العلمي لا يمكن للترجمة ان لاتكون دقيقة لأنها تقف عقبة امام انجاز البحث، بل لايمكن ان يؤسس لخطة البحث ان لم يكن ذلك واضحا منذ اللحظة الاولى، لحظة اختيار الموضوع، العنوان، بالتالي ليس هنالك من مجال للالتفاف حول المبدأ القائم عليه كل الجهد العلمي المتسلسل الى اللحظة وهو المصداقية والموضوعية، الامانة العلمية، ليست كلمة بل هي ايضا مصطلح متفق عليه، يجعل من الثقة ما بين العلم والانسان مستمرة مااستمر العلم بتقديم خدمة معرفية تساهم بشكل اساسي فاعل وحاسم في حل مشاكل البشر في مواجهة آنية لا يمكن لثقة الانسان بالعلم فيها ان تهز لأجل مصالح شخصية ضيقة الافق لا تمت لشرف المهنة الذي يفتخر كل المجتمع العلمي بالحفاظ عليه لكي لا يمحى هذا التاريخ الناصع من الانجازات العلمية، والتي وصلت بالانسان فكريا لما لا يمكن نكرانه بالنظر الى تاريخ علاقة العلم بتطور الانسانية.

تحديد مصطلحات البحث العلمي، ما يقصد به حصر المفردات المعلن عنها في خطة البحث، الوارده في العنوان ولان عنوان البحث تحديدا، يتضمن مصطلح او اكثر يشرع الباحث بالتعريف بها على المستوى الذي يؤسس لغويا من ثم فكريا بشكل عام، وبالتالي الاهم من هذا كله هو المستوى الاجرائي وهذا ما يسمى بالتعريف الاجرائي اخيرا، هنا يحاول الباحث ان يعرف هذه المصطلحات بشكل عملي واضح مباشر الى الدرجه التي يصل بها الى المستوى الاجرائي، هذا لا يعني ان يغير من اصل المصطلح والا عد تزويرا، بل يفسره مقربا اياه من شكل قابل لاجراء ينتهي بنتاج البحث الى نتائج واستنتاجات، يدخل في تحديد ما يريد من المصطلح ان يعبر عنه بناء على اصل المصطلح، ليس من مجال للتلاعب، لا يمكن ان يكون المصطلح الوارد في العنوان غير معرف بمصادر معتمدة متفق عليها، لا يوجد مصطلح يشبه مصطلح اطلاقا، لا جدال في الامانة العلمية.

الطريقه التي يتبعها الباحث لكي يصل اخيرا الى اجراءات البحث انطلاقا من مصطلحات البحث العلمي تبدا بالتعريف اللغوي وتوضيح هذا المصطلح على طريقه اجراء بحث ومسح لما يمكن ان يصل له على المستوى اللغوي، بعد ذلك لابد له من التاكيد والتركيز على مفهوم هذا المصطلح على المستوى الفكري، تصل الى استثمار الباحث لمصدر معين كما يحدث مع تعريف لغويا وفلسفيا، لان هذا المصطلح الان هو قيد اجراء البحث الحالي الذي ينجزه الباحث، ان يستعين الباحث بتعريف معين على المستوى الفلسفي يؤكد تطابقه مع اجراءات بحثه الحالي، لكن لا بد له ان يضع في الاعتبار كون وضوح المصطلح في العنوان وارتباطه بموضوع البحث هو اساس موضوعيه البحث العلمي، ويجب التاكيد على ان المصطلح الجاهز تعريفا او مفهوما قد لا يمت بصله الى البحث اكثر من كونه عنوان او تداخل مع عنوان هذا البحث قد يصب عمل الباحث فيما بعد حينما يتجه لمرحله الاجراءات.

ولابد للباحث ان يعرف كون الاهميه التي تقع على عاتقه تتلخص في ان يستند عند تعريفه مصطلحاته الى مصادر موثوقه ومعروفه، وقد لا تكون هذه المصادر الموثوقه هي المعين او المساعد الاكبر للباحث الا بكونها روتينا معتمدا او تقليدا شائعا، لكن خصوصيه واهميه كونه باحث يعمل على موضوع جديد مختلف قد لا يكون هناك بحث تناوله بهذه الطريقه ومصادرها ومراجعها ايضا على هذا المستوى من الجده والحداثه, ستكون الابرز وضوحا, والابقى في مواجهة المراجعات الأكيدة من قبل الباحثين مستقبلا.

المصطلح المستثمر في البحث العلمي لا يشمل متغيرات البحث التي يتمحور حولها بشكل طارىء باتجاه الطريقة الذي يشرع فيها الباحث الى تاكيد هذه المصطلحات، من بعد تعريفها في خطه البحث، فضلا عن ذلك قد يقع الباحث في مشكله قد تكون عقبه امام اجراء المسح النظري لهذا المصطلح من خلال مباحث الفصل الاول، ان لم يكن هذا التعريف او التوضيح للمصطلح شاملا بالفعل لغويا ويعمل اجرائيا في هذا البحث، ليس ذلك فقط لكونه لفظ مميز او مفهوم فلسفي يفضي على البحث الصبغه الفكريه العميقة المبتغاة كهالة يسعى لها باحث مغمور، قد تكون هذه الطريقة من وجهه نظر الباحث هي مفتاح عبور الى مرحله انجاز بحث علمي، قد تكون فعلا طريقة ناجحة فقط لأنجاز بحث، يثبت تزويره عبر نقد البحث العلمي لاحقا.

بقلم: د.سرمد سليم عباس