اقتصاديو العرب

البحث العلمي

الانحراف المعرفي في البحث العلمي

الانحراف المعرفي في البحث العلمي

يجب أن نركز في البحث عن الأمانة العلمية والموضوعية والمصداقية لان البحوث لا بد أن تقدم معلومه حقيقيه وليست مزورة او مفبركة بحيث لا تخدم تقدم العلم وهذه خيانة لكل أفراد المجتمع الإنساني، الصدق، من أهم الصفات التي يجب أن يتصف بها الباحث والناقد من بعد ذلك، فمثلا لو كانت مصادر البحث أو المقال أو كتاب أو أي منتج مقدم بشكل علمي لا يمت للأصول بمعنى أن ما تم اقتباسه من هذه المصادر لا يمت لأصلها حين الرجوع إليها في قائمة المصادر وهناك من القراء من يظن أن قائمة المصادر ليست إلا مجرد نهاية البحث، بل على العكس، إن أول خطوة لقراءة البحث من قبل القارئ هي في قائمة المصادر والمراجع، ان يتجه الى المصادر ليتأكد من أنها فعلا عبرت عن متن البحث.

البحث العلمي في أوله وآخره هو لخدمة الجميع سواء الباحثين او الاخرين من افراد المجتمع لهذا نستطيع ان نلخص جهودنا المتواضعة بكونها دعوه للنقد دعوة لمراجعة المعلومات الواردة من خلال البحوث المقالات الكتب التي تختص بمجالات قد تكون قريبة من اهتمامات شخص وآخر عن طريق جهود متواضعة وممارسة بسيطة لا تأخذ من اي انسان الوقت الكثير بل يستطيع من خلالها أن يلمس تغييرا على حياته الشخصية بوصفها ستكون طريقة التفكير العلمي في كل اختياراته الشخصية وفي كل تطلعاته الذاتية وهذه الادوات بكل بساطه متاحه للجميع وهي ليست الأسرار العميقة التي تستعصي على الفهم ولا تتطلب تلك الدراسة الأكاديمية العليا او الاوليه حتى كان الانسان دوما ما يمارس النقد العلمي بطريقة ما لكن في حالة نقد البحوث والمقالات العلمية والكتب التي تستند إلى منهجيه علميه معينه يكون النقد أيضا وفق آلية معترف بها ومعتمدة في المجتمع العلمي واي من الناقدين يقدم اضافة لابد أن تؤخذ في الحسبان بوصفه أصبح مصدرا آخر لموضوع البحث المنجز من قبل الباحثين.

إن استنتاج يكون هذا البحث يتمتع بمصداقية وان انجازه تم بموضوعية يؤهل القارىء أن يؤكد استخدامه كمصدر موثوق، يقارن بينه وبين بحوث اخرى، قد تكون الاقتباسات المباشرة وغير المباشرة واقتباسات الفكرة حتى بطريقة لا تعبر عن مصادرها التي ذكرت، وقد يكون هناك ما هو أكثر تزويرا للمعلومات وهذا وارد في بحوث منتشرة هنا وهناك على مستوى العالم، للدرجة التي كان هناك بحوث تم النشر حولها مقالات كثيرة يستطيع أي من يتناول هذا البحث ويجد ان هناك من البحوث ما تم كشفه بكونها مزورة، لانها استدلت على معلومات مزورة ونتائج تم التلاعب بها ليكون هذا البحث منجزا بطريقة ما يخدم فيها الباحث.

القارئ لاي نتائجه علمية لابد أن يتجه مبدئيا الى قائمة المصادر ليقارن ما بينها وبين ما ذكر في البحث، ليجد بعد ذلك نتيجة واضحة في أن هذا البحث وهذه الورق العلمية بشكل عام تصلح أن تكون مصدرا، لبحوثه، أو تصلح أن تكون مصدرا لازدياد معرفته الشخصية، بالتالي إن الحصول على المعلومة الحقيقية الموثقة بشكل دقيق هو من أولويات الأمانة العلمية، وايضا من أولويات البحث في عملية النقد العلمي، التي يجب ان تنتشر في كل المجتمعات التي تريد أن تطور من حياتها وأن تطور من نظرتها الى واقعها العلمي بالشكل الصحيح، يبدأ من خلال هذه الادوات اولا ان ننقل علميا ما يمر علينا بالرجوع الى أصوله ومن ثم الطريق التي استثمر فيها هذا الباحث وذلك الباحث هذه الأصول وهذه المصادر للوصول الى نتائج معينة.

بما أن البحث العلمي ليس حكرا على الباحثين والأكاديميين بل هو لكل من يتأثر بنتائج البحوث، بالتالي كل المحاولات العلمية تهدف لخدمة الإنسان، وهذا يوضح كيف أن الإنسان المتلقي والباحث سيكون مساهما في هذه العملية، وذلك من خلال تكامل علمي يكون فيه التغذية الراجعة والأثر المترتب على هذه البحوث في مجال ما، لهذا ليس النقد الا مساهمة في هذه البحوث العلميه والمقالات الاكاديمية، وهو ليس مقتصرا مختصرا حصريا للباحثين في ذلك الاختصاص، بل ان كل من يستطيع ويمتلك أدوات نقدية يقدم رأيا متواضعا سيخدم الباحث والبحث وبشكل أدق سيخدم العلم لهذا ليس للنقد حدود تحول دون عملية تفاعل العلم وتطويره، وإلا كان عقبة أمام تقدم الفكر الإنساني.

فيما يخص الباحث فهناك صفحة وفقرة خاصه من بحثه العلمي لا يكتمل اي بحث بدونها وهي الدراسات السابقة، يوضح ما الذي وجده من معلومات مقارنة بالمعلومات الاخرى التي تقابلها ليجد القارئ الذي يستنتج اخيرا ان هذا الباحث كان موضوعيا في تناوله لكافة المصادر ولم يقدم ويؤخر احدهم على الاخر ولم يستثني ما تم ايجاده سواء معلومه مزورة مقارنة بالمعلومات الأخرى، فهذه الطريق هي علمية ومنهجية ومتاحة لأي باحث.

ان صفحة الدراسات السابقة تمنح فرصة للباحث الذي يريد ان يكون له الفضل في كشف التلوث المعرفي الذي يسبب تشتت الجهد البحثي وضياعه، فهي اجراء علمي بحت، لا يمكن ان يلام عليه الباحث بأي شكل او طريقة او الاساليب المعهودة للتغطية على الفساد، ان هذا السرطان الذي ينتشر على مستوى العالم لن يكافح الا بعكس الطرق التي اتخذها لينال من التطور الفكري الانساني، فالطرق العلمية هي الحد الفاصل الذي سيقف عنده كل هذا العبث، لأن اي بحث يستخدم  مصدرا ما غير موثوق، يعادله في انعدام الثقة.

من المستبعد ان تتوفر فرصة لاعتبار اي من خطوات انجاز البحث العلمي بوصفها ذات طابع روتيني، غير اساسي في عملية البناء ذاتها، ومن هذا المنطلق لا تتمتع اي خطوة بأهمية بالغة بالمقارنة مع الخطوات الأخرى، لأن الشكل النهائي يعتمد على تكامل العملية بشرط الموضوعية بغض النظر عن النتائج وما ترتب عليها من استنتاجات، تشمل الدراسة التي يمكن وصفها بالسابقة، كل ما تم الاشاره اليه ويمت بصله الى موضوع البحث، وهي عملية اقرب للاستعانه بخبره سابقة بطريقه غير مباشره وليست فقط لمقتضيات الامانه العلميه، بالتالي يمكن للباحث ان يستنفذ وقتا في اجراء هذا المسح للوصول الى اقرب البحوث التي تكون قريبه من موضوع بحثه العلمي،  لكن الكيفية التي يتناول فيها الباحث باستعراضه لهذه الدراسات والبحوث والمؤلفات السابقه هي التي تحدد مصداقيته، كما تؤكد التزامه بعنوان البحث تحديدا.

ان تعامل الباحث مع الدراسات السابقة، يتطلب القيام بمراجعه ما تم انجازه على المستوى الاكاديمي وحتى على المستوى الثقافي، يستطلع الباحث ويستعرض في هذه الفقره من البحث والتي تقع في تسلسل ما بعد انجازه للاطار النظري، مع ان هذه القائمة التي اعدها مسبقا قد تكونت عندما بدأ فعليا بترتيب مصادره ما قبل كتابة البحث، ولعله وجد ملاحظات لا يمكن ادراجها في المتن لكونها خارج نطاق هدف وحدود البحث، الا ان هذه الخطوة اي تسجيل الملاحظات تعد تقدما فكريا حول الموضوع لا العنوان، واحاطة ذات بعد مستقبلي بالمجال والاختصاص، لها حيز مرصود وواضح في تسلسل خطوات البحث وهي صفحة تعرف بعنوان الدراسات السابقة، لكنها لا تتسع في اغلب الاحيان لما تم العثور عليه، ودليل ذلك ان الموضوعات ذات الطابع الفلسفي لا يمكن حصر ما سبق من الكتابات البحثية والثقافية فيها الا في ارشفة مخصصة، لايمكن تضمينها في البحث.

اي نقد ذاتي لهذه القائمه يستطيع الباحث ان يتناول منهجيه هذه الدراسات وايضا يتناول كيف هي شملت الموضوع وكيف اقتربت من البحث الذي ينجزه ويمكن له ان يعلق بمعنى يبدي رايا انطلاقا من بحثه وخبرته المفترض لحد انجازه في هذه الدراسات فقد يقول ان هذه اقتربت من نقطه ابتعدت من نقطه لكي يجعل من خصوصيه ما لبحثه والذي على اساسه تم تاسيس البحث باحداث وحدود ومشكله تبتعد عن هذه الدراسات لذا هي ليست مجرد عمليه مقارنه وليست مجرد تجديد او منح ثقه للبحث الحالي الذي ينجزه الباحث انما هي بالضبط ابعد من ما قد تتضمنه اوصاف الامانة العلميه والموضوعيه، هي توثيق لهذا الموضوع بشكل علمي، ان الباحث يقدم خدمه علميه بوصفه احد المختصين حاليا بموضوع ما، يقدم هذه الخدمه من خلال نقد غير مباشر لهذه الدراسات المنجزه.

ان الانتقاد الموجه حول هذه الدراسات والبحوث السابقه من قبل الباحث ليس بالآلية المخصصة لهذه الفقرة من البحث بالذات، فهو من صلب عملية البحث الذي يمارسه الباحث حينما يتفق او يختلف مبررا رأيه مع المصادر الاخرى المستخدمة لانجاز البحث، الوقوف عند اخفاقات منهجية،  يجعل منه باحثا بعمق في موضوع بحثه، اي منها كان صادقا وكان منهجيا وموضوعيا واي من الاخرين لم يكن وقد يكون هذا هو اول الشروع في كون الباحث اصبح ملما بالبحث العلمي، من خلال تدقيق المصادر وهي الخطوه التي تؤكد على موضوعيه الباحث وبنفس الوقت على كون هذا البحث يمتلك من المصداقيه مما يجعله يعني تراس قائمه البحوث المعتمد عليها في المجتمع العلمي، ما ينتج عن هكذا تدقيق يؤهل ما يجدر اتخاذه كدراسة سابقة، ويستبعد اخرى مع ذكر التبريرات العلمية لكل من المثالين، يستطيع الباحث منح الثقة دون مبرر علمي لأي مصدر  يستخدمه في بحثه، ولن يكون بحثه موثوقا به.

بقلم: د.سرمد سليم عباس

1 فكرة عن “الانحراف المعرفي في البحث العلمي”

  1. Pingback: مكافحة الفساد في البحث العلمي - اقتصاديو العرب

التعليقات مغلقة.