اقتصاديو العرب

person walking near columns

غياب تنمية الصعيد: بني سويف نموذجاً

بقلم، محمد عبد العظيم أحمد محمد
“مدرس الاقتصاد المساعد قسم الاقتصاد أكاديمة السادات للعلوم الادارية، عضو جمعية الاقتصاد السياسي والاحصاء والتشريع، باحث اقتصادي ومسؤل الراصد الاعلامي بالمجموعة العربية للإعلام(سابقا)، عضو نقابة التجاريين، شعبة الاقتصاد”.

يعاني الصعيد كما هو معلوم من ارتفاع ملحوظ في معدلات الفقر والامية وغياب الخدمات العامة أو تدني جودة هذه الخدمات (إن وجدت)، نهيك عن المشقة في الحصول علي تلك الخدمات، وما يترتب علي ذلك من ارتفاع نفقة الفرصة البديلة عند الحصول عليها وكلها تسهم في ضياع الوقت والجهد والمال ومن ثم دائرة الفقر، وعلي الرغم من الفرقعة الاعلامية من مانشيتات تؤكد علي إتجاه الدولة إلي تنمية الصعيد لكن لم يحدث ذلك علي أرض الواقع بل حدث تدني ملحوظ في جودة الحياة في ربوع الصعيد لا سيما بعد غياب الانفاق علي رصف الطرق الداخلية، وتدهور جودة الطرق السريعة واغلاقها بصفة دورية بغض النظر عن الاسباب، وتستهدف المقالة الحالية التركيز علي محافظة بني سويف كنموذج لمحافظات الصعيد المهمشة، ولعل البداية بتوضيح لبعض المؤشرات الكلية علي مستوي محافظة بني سويف وفقا لأحدث البيانات

الشكل (1) مؤشرات الحسابات القومية لمحافظة بني سويف عام (2015/2016)

المصدر: بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية

يتضح من الشكل رقم (1) أن الزراعة تساهم بنحو 25% من الناتج المحلي الاجمالي لمحافظة بني سويف عام 2015/2016، يليها قطاع التشييد والبناء بنحو 13% في نفس العام، وتجارة التجزئة بنحو 12%، أي أن نحو 50% من ناتج محافظة بني سويف يأتي من ثلاث قطاعات فقط الزراعة كقطاع انتاجي وقطاعي التشييد والبناء والتجزئة كقطاعات غير انتاجية وهو ما يوضح غياب التنوع في انتاج محافظات الصعيد، كما يساهم القطاع الحكومي في ناتج المحافظة بنحو 11% مما يعكس ضعيف نصيب المحافظة من الوظائف العامة وضعف مساهمة القطاع الحكومي في ناتجها، كما تساهم الصناعات التحويلية بنحو 10% أي هناك اهمال للتصنيع في محافظة بني سويف، كما أن مساهمة التعليم والصحة لا تتجاوز نحو 5% في تكوين الناتج المحلي الاجمالي للمحافظة مما يوضح التدهور المحلوظ في القطاعات الحيوية بتلك المحافظ.

تجدر الاشارة إلي أن الناتج المحلي الاجمالي لمحافظة بني سويف لا يتجاوز نحو 32 مليار جنيه عام 2015/2016 ووفقا لأحدث البيانات وهو رقم متدني للغاية مقارنة بالناتج الكلي للدولة في نفس العام والذي قدر بنحو 2681 مليار جنيه أي نحو 3 تريليون جنيه، ومن ثم يصبح مساهمة ناتج محافظة بني سويف في الناتج الكلي للدولة لا يتجاوز نحو 1% فقط.

مما سبق يمكن طرح العديد من التساؤلات، لماذا تتدني مساهمة محافظة بني سويف في الناتج الكلي للدولة؟ وما أثر ذلك علي تدني الخدمات لسكان المحافظة؟ أي كيف يمكن تصور أن يكون هناك تحسن في مؤشرات التنمية الاقتصادية لهذه المحافظة بعد هذا التدهور الملحوظ في مساهمة المحافظة في تكوين الناتج الكلي للدولة؟ وما أثر اعتماد بني سويف علي الزراعة في ظل تعرض هذا القطاع للاهمال الشديد مع غياب استراتيجية التسويق الزراعي علي المستوي المحلي والزراعي وارتفاع تكاليف الانتاج الزراعي وانخفاض الايراد الزراعي ومن ثم وجود خسائر فادحة تلاحق المزارعين وما يترتب علي ذلك من انعكاس ملحوظ علي المستوي الخدمات العامة والغير عامة التي تقدمها المحافظة لسكانها؟ ولماذ تنخفض مساهمة التعليم والصحة إلي نحو 5% في تكوين الناتج المحلي الاجمالي؟ وكيف يمكن للقائمين علي ادارة المحافظة في وضع خطة قومية تسهم في رفع كفاءة المحافظة؟ اسئلة كثيرة يمكن ترك الاجاية عليها للباحثين لمحاولة الاجابة عليها كلا في موقعه وتخصصه؟ وبهذه الطريقة يمكن تعميم التحليل علي مستوي نطاق محافظات الصعيد بأكملها للوصول إلي نتيجة مفادها لازال الصعيد يعاني من مشكلات غياب التخطيط الجيد وخلق ميزة تنافسية وسوء الادارة بالاضافة إلي تدهور الخدمات العامة بالمحافظة؟

المراجع باللغة العربية

  • وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية (2020).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *