لماذا ترامب الآن ؟ للإجابة على هذا العنوان لابد من ذكر الحقائق التالية التي لاينازع فيها مطلع أو دارس لعملية صنع الرئيس ومقام الرئاسة في الولايات المتحدة بشكل خاص وفي العالم الغربي المسمى زورا العالم الحر بشكل عام.

علما أن نظامه السياسي أرقى وأخطر نظام ديكتاتوري استبدادي عرفه العالم منذ وجود حاكم ومحكوم على هذه البسيطة، لأنه يضع المواطن والحاكم في موضع أن يختار ما اختارته له الدولة العميقة بإرادته.

وبناء على ما تقدم فإن عملية ولادة الرئيس تمر بالمراحل التالية : 

  • عملية غربله لكل الطامحين بالوصول إلى مقام الرئاسة من المرشحين المؤهلين وغير المؤهلين، طالما أن مواصفاتهم تمكنهم من خدمة ʺلوبياتʺ أهل الفعاليات الأقتصادية من تروستات وكارتلات كبار الكبار بمختلف انتمآتهم  الفكرية والسياسية .

  • لا يوجد حزب جمهوري وحزب ديمقراطي إلا بمسميات لاخلاف بينها  إلا بالشعار، الجمهوري ʺالفيلʺ والديمقراطي ʺالحمارʺ إضافة إلى مواضيع الإجهاض والضرائب والصحة و((الجندرية)) الجنسية والهجرة وحمل السلاح، أما الأمور الخارجية السياسية التي تهم العالم فإن المواطن الأمريكي، وأكثر أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب سواء في جهلهم بهذه الأمور ، وقد أوكلوها إلى رئيس الأغلبية في المجلسين ورئيس الأقلية وأعوانهم وهما يتصلان مع حكومة المطبخ  ومجلس الأمن القومي لصياغة مايسمونها بقرارات الكونجرس، والتي هي عبارة عن املاءآت تأتي من أعلى الدولة العميقة ʺ حكومة المطبخ ʺ إلى الأدنى وهي السلطات التنفيذية والتشريعية، وهذا خلاف الدستور الذي صاغه الأباء المؤسسون للولايات المتحدة وتعديلاته الكثيرة.

  • تتم عملية اختيار المرشحين لمقام الرئاسة من جمهورين و ديمقراطيين، عن طريق انتخابات مرحلية ابتدائية معقدة يقودها  أشخاص نقابيون و ممثلون للشركات الكبرى، وكبار المتبرعون للحملة الانتخابية أمثال السيد إيلون ماسك الذي عينه الرئيس ترامب ʺوزير وزارة المراقبةʺ وهو مصطلح جديد  أي وكيل ونائب عنه في تصريف ومراقبة أمور الدولة، وبناء على ذلك تتم تصفية كافة المرشحين لصالح واحد جمهوري وأخر ديمقراطي، ويشترط أن يكون لكل مرشح ثغرات سلوكية ومخالفات كبيرة في مجال (الأقتصاد والمال والجنس)، حتى يتم الاستغناء عن خدماته أي وقت يرغب فيه الكبار ʺالدولة العميقةʺ  الذين أوصلوه إلى هذا المقام، عندما لا يستطيع أو لايظهر الكفاءة المطلوبة التي تمكنه من (تنفيذ الأجنده) الرئاسية التي تعهد بتنفيذها حسب شروط الكبار، من جمهورين و ديمقراطيين مشتركيين، بغض النظر عن  مسمياتهم، طالما أن المرشح أو الرئيس المنتخب فشل في تحقيق مصالح الولايات المتحدة والمرتبطة بمصالح الكبار ارتباط عضوياﹰ الذين أهلوه وتعاقدوا معه على أن يكون واجهة لهم منضبطاﹰ بجدولهم المعد مسبقا (الأجندة) و ماعليه إلا التنفيذ. حيث الرئيس أكبر موظف عند حكومة الظل ʺالدولة العميقة ʺ وملفه أكبر وأضخم ملف عند “CIA”، ويفتح هذا الملف عند الضرورة التي يقدرها كبار المتبرعين ويࣳغيب عن المشهد السياسي كما حصل مع الرؤساء ʺلينكولن و كندي ونيسكونʺ ، والمرشح الديمقراطي (آل غور) عندما فوزت المحكمة الدستورية العليا زورا وبهتاناﹰ الرئيس بوش الثاني بأغلبية (705) أصوات فقط عن ولاية فلوريدا.

  • ليس الأكثرية الشعبية التي تقرر فوز الرئيس بالانتخابات بل المجمع الانتخابي ʺالمسكوني ʺالمكون من مندوبي الولايات والبالغ عددهم (538) صوتا موزعين (438) صوتاﹰعن مجلس نواب الولايات (100) ومائة عن مجلس الشيوخ، والذي يفوز بأغلبية (270) صوتا من المجمع الأنتخابي يكون رئيسا، وعندهم دائما ولايات متارجحه مثل (ميتشجان ويسكونسن فلوريدا) وثلاثة ولايات أخرى، دائما لا تعلن نتائجها  إلا متأخرة لعدة  أيام أو اسابيع، ولكن قبل موعد تنصيب الرئيس الفائز بأصوات المجمع الأنتخابي، وهذه مدة كافية للتلاعب  لتحديد المرشح الفائز، والذي يرضى عنه اهل الفعاليات الاقتصادية، هذا في حالة عدم  رغبتهم بحسم الأمر، لوجود شروط رئاسية لم تتحقق بعد بالرئيس، أما إذا كان الأتفاق كامل كما هي في حالة ((ترامب)) بين الجمهوريين و الديمقراطيين، فتكون نتائج الأنتخابات واضحة وتتم المبازرة مع المرشح الفائز خلال شهر التنصيب على ضبط سلوكه وإظهار مواهبه التي عينوه رئيساﹰ من أجلها.

  • بتنزيل ما ذكرنا باختصار على الحالة ((الترامبية)) يظهر أن ترشيح ((كاميلا هاريس)) أول مسمار في نعشها بموافقة الديمقراطيين، وأول إشارة  إلى فوز الرئيس ترامب، لأن الشعب الأمريكي في الحكم لا يزال ذكوري، ولم يهضم حتى الأن على أن تتولى امرأة منصب الرئاسة، وهذا حدث في الانتخابات السابقة مع (هيلاري كلينتون) فعندما أراد الكبار فوز ((ترامب)) رشحوا ((Mrs.CLINTON)) حتى تخسر وينجح ترامب، عندما ركزت الصحافة وكل ((الميديا)) كاميراتها على رجولة ترامب وأهليته أن يكون رئيسا للولايات المتحدة أعظم دولة في العالم، وفي الانتخابات الحالية  أظهروا أنوثة ((كاميلا هاريس)) مع ضحكاتها الغبية ومؤهلاتها لأن تكون مضيفة طائرة وليس قائدة الأمة. وأظهروا شخصية ترامب الدينامكية مع كاريزما قوية ومؤثرة تستطيع استقطاب كل مواطن أمريكي يرغب بقيادة أمريكا للعالم.

  • ملف الرئيس ترامب الحافل بالمخالفات المالية، بما فيها التهرب من الضرائب وملف لوبيات القمار والجنس، والحياة الشخصية الغير لائقة برئيس أمريكي، كما حدث مع الرئيس (بيل كلينتون) عندما سلط  كبار المتنفذين الأضواء على علاقته (بمونيكا لوينسكي) علما أن هذه حرية شخصية  بالنسبة للمواطن  الأمريكي العادي، ولكنها لاتليق برئيس الولايات المتحدة القدوة أن يقدم على مافعل في غرفة عمليات قيادة البيت الأبيض.

  • إن كل ماتقدم سابقا يجعل ترامب رئيسا وافقت عليه حكومة الظل  ʺالدولة العميقةʺ، الحاكم الحقيقي للولايات المتحدة، لأنهم يستطيعون في أي وقت  على الأقل فتح ملفه الضريبي الذي لم يفتح حتى الأن، وعن سبق إصرار وترصد حيث لم يطالبوه بتقديم ملفه الضريبي قبل الترشيح، كما هو معتمد لأي مرشح للمقامات العليا في الولايات المتحدة. إضافة إلى أنه يتمتع بالجرأة والصلابة بإتخاذ القرارات المباشرة كما هي المقترحات المقدمة من المستشارين الكبار، وبدون خوف من النتائج لأنه بالأساس لا يفقه علم السياسة كخبره ودراسة وأبعاد سياسية، ولكنه رجل القرارت المتغيرة  والصعبة والجريئة وهذا مايريده الكبار، لأنهم مقدمون على حل أزمات عالمية استعصت على كل الرؤساء السابقين وأهمها:
  • الوصول إلى الشرق الأوسط الواسع ذو النكهة الإسلامية كما هو في كتاب ʺبريجنسكيʺ رقعة الشطرنج الكبرى وإلغاء شرق أوسط سايكس بيكو البريطاني الفرنسي، مع الأخذ بعين الاعتبار تخوف اسرائيل من هذا المخطط الأمريكي غير واضح المعالم، وأثره على وجود ومستقبل إسرائيل ككيان يهودي في المنطقة.

  • حل أزمة ʺتايوانʺ وتسليمها جائزة ترضية للصين الشعبية، وبدون مناورات أو أعمال عسكرية لا يتحملها العالم الآن، وذلك لقاء علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وتنسيق عسكري اقتصادي سياسي، واعتماد الصين كمحور أساسي عالمي مساند للولايات المتحدة كدولة عظمى، وشريكا غير مكافىء لها في قيادة العالم، كما كان حال الاتحاد السوفياتي.

  • إضعاف الإتحاد  الأوروبي ، بالانسحاب من الدعم الفعال والمساندة الظاهرية التي كانت أيام الرئيس ʺبايدنʺ والتي ورطت  أوروبا رغما عنها في الأزمة الاوكرانية، وهذا يعني إضعاف كل من أوروبا وروسيا مؤقتا، وهذا يناسب الصين ايضا، بحيث يعيش الروس والأوروبين بسلام وتوازن لكن بحالة ضعف اقتصادي وعسكري ينشأ عنه توازن قلق، يمكن الأمريكان والصينين في أي وقت أن يخلوا بهذا التوازن مع الأخذ بعين الاعتبار وضع المملكة المتحدة كمشارك من الباطن لايستغنى عنه في النظام العالمي المتوقع الولادة.

  • على الرئيس ترامب الجريء والمغامر الناجح بدون تهور والمنضبط ʺبأجندةʺ الحكومة العميقة  العمل على اعتماد نظام مالي جديد للعالم، عصبه الأساسي العملة المعدنية من ذهب وفضة وربما بسلة عملات مشتركة، يؤدي هذا النظام إلى إلغاء نظام الدولار الورقي الذي أوصل العالم إلى حالة إفلاس حقيقي مع وقف التنفيذ، بسبب ديون الولايات المتحدة المتراكمة منذ فصل الرئيس نيكسون الدولار في 15/8/1971  عن البديل الذهبي، والبالغة حوالي /34/ ترليون دولار ، لا رصيد لها من الذهب ولا من الاقتصاد القومي، عملة متكورة متحركة سائبة في العالم، جعلته يعيش حالة عدم توازن واضطراب مالي، وهذا جعل كثير من دول العالم تطالب بالتخلي عن الدولار كعملة رئيسية في أسواق العالم وخاصة أسواق النفط، ويستطيع الرئيس ترامب أن يقول عندئذ نعم موافق على أن نعود لنظام صفر دولار ماقبل  15/8/1971 وبهذا  يخلص أمريكا من هذه الديون السائبة والتي هي في الحقيقة لا تساوي إلا قيمتها الورقية، لهذه الأسباب مجتمعة قررت الدولة العميقة في الولايات المتحدة تنصيب ترامب كرئيس ʺالقرارات ʺ الصعبة للولايات المتحدة والعالم، فإن نجح يكون رئيس رؤساء الولايات المتحدة، الذي أوصل العالم إلى نظام عالمي جديد مستقر سياسي واقتصادي، وإن فشل يرموه في مستنقعات الرؤساء الأمريكان السابقين.

  • إنها رؤية تحتمل الخطأ والصواب لكن لابد من طرحها والحقيقة مجالها الزمن والتاريخ.

بقلم  د. محامي منير محمد طاهر الشواف

أضف تعليق

الأكثر رواجًا