اصدر السيد رئيس الجمهورية القانون رقم (13) لسنة 2022 والخاص بتعديل بعض أحكام قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992، واستحداث سندات توريق الحقوق والمستحقات المالية المستقبلية المتوقعة- كأداة تمويل غير تقليدية- لتمويل الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة بعد موافقة السلطة بها، مقابل ما ينشأ لصالح هذه الجهات من تدفقات نقدية مستقبلية، ونشره في الجريدة الرسمية بعددها رقم (10) مكرر (ز)، حيث تهدف التعديلات الجديدة مساعده الحكومة في تمويل مشروعات المرافق العامة من مياه أو كهرباء أو مترو أنفاق أو غيرها من المشروعات، عبر إصدار سندات توريق لتمويلها. وتختص الهيئة العامة للرقابة المالية بالموافقة على إصدار تلك السندات.
ويعد التوريق أحدث ابتكار نوعي في الأدوات المالية منذ الثمانينات، وكان له دور هام في تطور البورصات العالمية الرئيسية والهندسة المالية، إلا أن مبدأ بيع الديون القائم في عملية التوريق معروف منذ القدم، ولكن الإضافات الحديثة لهذا المبدأ كانت تحويل هذا الدين إلى أوراق مالية قابلة للتداول، يتم من خلال تحويل الخطر من الجهة المنشئة إلى المستثمر.
ويعتبر التوريق بمثابة طريقة تحويل الذمم المدينة للمؤسسات المالية، أي القروض ، إلى سندات يتم بيعها بعد ذلك للمستثمرين، وهي وسيلة لتحويل الأصول غير السائلة إلى أصول سائلة لتحرير رأس المال المجمد، وتصبح الذمم المدينة على الديون مقابل الأصول الضمانية مثل الممتلكات والأراضي والمباني والعقارات الأخرى أدوات مالية قابلة للاستبدال في عملية التوريق.
كما يمثل التوريق عملية مالية يتم فيها إصدار صكوك تحمل قيمة أصول تدر عائد وتباع بعد ذلك إلى المستثمرين ومن ثم فان مصطلح التوريق بتمثل في في تحويل القروض إلى أوراق مالية قابلة للتداول أي تحويل الديون من المقرض الأساسي إلى مقرضين آخرين.
ويتم التوريق على النحو التالى:
1- استبدال الدين: حيث يسمح باستبدال الحقوق و الالتزامات الأصلية بأخرى جديدة ، شريطة موافقة جميع الأطراف ذات الصلة بالقرض على إمكانية تحويله كلياً أو جزئياً إلى ورقة مالية.
2- التنازل: حيث يتم التنازل عن الأصول لصالح الدائنين أو المقرضين و يشيع استخدام هذا الأسلوب في توريق الذمم الناشئة عن بيع بعض الأصول أو إيجارها، ففي عقدي الإيجار و البيع يتم الاستمرار في دفع الأقساط إلى الممول الأصلي الذي يقوم بدوره إما بتحويلها إلى مشتري الذمم المدينة أو تسديدها ضمن عدد من الحوالات متفق عليها عند التعاقد على التوريق و بالمقابل يقوم باسترداد المبلغ من المؤجرين.
3- المشاركة الجزئية: حيث يتم بيع لذمم المدينة من قبل الدائن الأصلي إلى مصرف متخصص بشراء الذمم و تمويلها و لا يتحمل بائع الدين بعدها أي مسؤولية فيما لو عجز المدين عن التسديد لذلك يجب على مشتري الدين التأكد من أهلية المدين وجدارته الائتمانية ويلاحظ أن هناك طرقا عديدة لحماية هذا المشتري تتراوح بين حصوله على ضمانة عقارية وحقوق إدارة الدين كوصي عليها.
ويقوم التوريق على العناصر التالية :
1- المقترض: سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا ، وقد يكون الغرض من الاقتراض هو مواجهة التعثر المالي أو إعادة الهيكلة، أو الاستعانة بالأموال المقترضة للوفاء بديون حل تاريخ استحقاقها، وإحلال دين القرض طويل الأجل محل هذه الديون.
2- الأصول موضوع التوريق : يتجسد الدين في صورة سندات مديونية، والأصول الضامنة للدين محل التوريق دائما ما تكون أصول ذات قيمة مرتفعة ، لذلك غالبا ما تكون حقوق رهن رسمي للبنك على عقارات أو منقولات يملكها الراهن الذي يدين للبنك.
3- الخطوات السابقة لعملية التوريق : يسبق إجراء عملية التوريق خطوات متعددة تنتهي باتفاق البنك الذي ينشد الحصول على سيولة نقدية سريعة لديونه مقابل نقل ملكية الأصول ، وتتمثل الخطوات التمهيدية لذلك في قيام البنك أو المؤسسة المالية باستطلاع رأي عملائه المدينين فيما ينوي عمله في شأن توريق ديونهم ، وفى حالة موافقتهم فإن على البنك تنظيم تفاصيل العلاقة الجديدة بين المدينين والدائن الجديد، وهناك أيضاً العديد من المهام التي تتم في إطار عمليات التوريق ، والتي تحتاج لعناية وتخصص ، وتتمثل فى التقييم الواقعي لقيمة الأصول وتحديد السعر الملائم للأوراق المالية المزمع طرحها للاكتتاب ، والتخطيط لبرامج الترويج للاكتتاب، وإعداد الدراسات الخاصة بالتدفقات النقدية ، … الخ .
4- إدارة الأصول : على الرغم من انتقال ملكية الأصول الضامنة للوفاء بقيمة الأوراق المالية المصدرة من الذمة المالية للبنك القائم بالتوريق للدائنين الجدد ، فإن الممارسة العملية أثبتت انه في معظم الصفقات يناط بهذا البنك مهام إدارة واستثمار محفظة هذه الأصول وضماناتها أثناء إنجاز أو تنفيذ عمليات التوريق
تكلفة ومخاطر التوريق
تتمثل تكلفة التوريق في تكلفة تمويل الديون والقروض، والمصروفات الإدارية المصاحبة لإنشاء الدين، بالإضافة إلى تكاليف تحسين الجدارة الائتمانية، ودفع أجور القائمين بعملية التوريق ، وتكاليف الاستشارات المحاسبية والقانونية، والتكاليف الخاصة بمؤسسات التصنيف الائتمانى، وتكلفة تغيير وتطوير الأنظمة حتى تتناسب مع نظام التوريق .
اما مخاطر التوريق فتتمثل فى مخاطر الائتمان ، ومخاطر الضمان ، وحالات الإفلاس سواء للمصدر أو للحاصلين على القروض ، ومخاطر السوق ، بالإضافة إلى مخاطر مؤسسية للجهات العاملة في التوريق ومخاطر تتعلق بإدارة وتشغيل عملية التوريق، ومخاطر تقلب أسعار الفائدة الجدير بالذكر أن من أهم القطاعات التي يمكن أن تستفيد من توريق حقوقها المالية المستقبلية المتوقعة، مع ضخامة المستفيدين من تمويلها مثل قطاع الكهرباء، وقطاع الغاز، وقطاع المياه، وقطاع الاتصالات، وقطاع الطرق والكباري، وقطاع نقل الركاب والبضائع سواء برياً أو بحرياً أو جوياً بما في ذلك رسوم بوابات الطرق ومترو الأنفاق وشبكة السكك الحديدية، وقطاع الصحة، وقطاع التعليم، وقطاع الإسكان.
كما ان هناك ارتباط وثيق بين نظام التوريق من جهة والاقتصاد الكلي لأي دولة ونموه وتطوره من جهة أخرى وبالأخص تلك الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بأسواق الأوراق المالية سواء في سوق الإصدار أو سوق التداول، باعتبار أن الأسواق المالية تمثل جزءاً من أسواق رأس المال والتي تنتمي بدورها إلى سوق سوق التمويل.
ويضطلع نظام التوريق من خلال الدول التي تعتبره مصدر من مصادر التمويل في الاقتصاد الحديث شأنه شأن التمويل من خلال حقوق الملكية عن طريق الموازنة العامة للدولة أو التمويل بالأوراق المالية أو التمويل الذاتي من خلال الأرباح المحتجزة والاحتياطيات أو مجمع الإهلاك أو التمويل بالقروض، بدور اقتصادي هام في دفع عجلة النمو والتطور الاقتصادي إلى الأمام.