اقتصاديو العرب

الاقتصاد السلوكي

تطبيقات الاقتصاد السلوكي ودورها في السياسة العامة

تطبيقات الاقتصاد السلوكي ودورها في السياسة العامة

يعتبر الاقتصاد السلوكي أحدث فرع في علم الاقتصاد ومن أهم المواضيع المثارة على الساحة العالمية من حيث التنظير والتطبيق.

فهو يعبر عن تداخل علم الاقتصاد وعلم النفس، لذلك فهو يركز على دراسة البعد السلوكي للأفراد عند تحديد اختياراتهم والسعي بصورة غير مباشرة لتوجيه السلوك البشري نحو الخيارات الأفضل من خلال إعادة هندسة الاختيار وتأثيرها في عملية صنع القرار وذلك بهدف تنمية القوة التفسيرية والتنبؤية للنظرية الاقتصادية.

كما تستخدم أساليب الاقتصاد السلوكي في صياغة السياسات العامة والتي تستند إلى السلوك الفعلي للأفراد ومختلف الأعوان وليس السلوك العقلاني الرشيد الذي تفترضه النظرية الاقتصادية التقليدية. حيث ينطلق رواد الاقتصاد السلوكي من فكرة التشكيك في فرضية الرشد والعقلانية الاقتصادية ويهتمون بدراسة العوامل التي تحدد السلوكيات غير المنطقية والتحيزات المعرفية.

تواجه العديد من الدول من الدول صعوبات في تنفيذ خطط وسياسات وبرامج التنمية والإصلاح الاقتصادي في ظل التطورات التي شهدها العالم نتيجة للعديد من التغيرات والعوامل، التي تحول دون تحقيق الأهداف التي وضعتها، مما يتطلب إعادة النظر في البرامج والسياسات وأساليب ووسائل تنفيذها ومن هنا يأتي السؤالرالمهم التالي :
– ما هو دور الاقتصاد السلوكي في السياسات العامة؟
وتتفرع منه الأسئلة التالية :
1. ماهية الاقتصاد السلوكي ؟
2. ماهي أدوات ومبادئ الاقتصاد السلوكي ؟
3. ما مدى فاعلية الاقتصاد السلوكي في تفسير سلوك الافراد والمؤسسات؟
4. ما مدى فاعلية أدوات الاقتصاد السلوكي في توجيه سلوك الأفراد نحو خيارات أفضل؟

مفهوم الاقتصاد السلوكي

ماهية الاقتصاد السلوكي

هنالك عدد من التعريفات لعلم الاقتصاد السلوكي أبرزها ما يلي :
هو فرع جديد من فروع علم الاقتصاد يقارب بين الواقع العقلي لسلوك المنظمات والافراد ويستمد مناهجه وأدواته من علم النفس وعلم الاجتماع ويمزجها بالنظريات الاقتصادية
يعرف على أنه فرع اقتصادي حديث يجمع افكاراً من مجالات علم النفس وعلم الاقتصاد وعملية صنع القرار لفهم كيفية اتخاذ الناس لقراراتهم ثم العمل على ترشيدها حتى تكون أكثر عقلانية من القرارات التي تعتمد على مجال واحد فقط.
كما يعرف على أنه دراسة ارتباط علم النفس بعمليات اتخاذ القرارات الاقتصادية القياسية (المعيار هو الاقتصاد الكلاسيكي الجديد) أو انعكاسات التحيز من خلال دراسة التفضيلات الاجتماعية، والتي يتم على ضوئها بناء نماذج سلوكية جديدة .

ينبني الاقتصاد السلوكي على دراسات علمية وميدانية تستخدم النتائج الاقتصادية مع تخصصات علم النفس والعلوم الاجتماعية وعلم الاعصاب والعلوم المعرفية ونقلها إلى الانضباط الاقتصادي من اجل تحسين موثوقية ودقة شرح السلوك البشري في المجال الاقتصادي .

مبادئ الاقتصاد السلوكي

يقدم العاملون مجال الاقتصاد السلوكي مجموعة من المبادئ التي توضح على نحو أفضل آلية صنع القرار ومن أبرزها :
1. النفور من الخسارة: هو فكرة أن الناس يكرهون الخسائر أكثر من حرصهم على تحقيق المكاسب .
2. مغالطة التكلفة الغارقة: هي فكرة أن الناس سيستمرون في الاستثمار في مشروع خاسر لمجرد أنهم مستثمرون بالفعل بكثافة حتى لو كان ذالك يعني المخاطرة بمزيد من الخسائر .
3. المصلحة الذاتية: هي فكرة أن الناس غالباً ما يكونون على استعداد لاختيار نتيجة أقل مثالية لأنفسهم إذا كان ذالك يعني أنه يمكنهم دعم الأخرين .
4. قوة الإرادة المحدودة: وتشير إلى أنه حتى مع فهم الخيار الأمثل سيظل الأشخاص في كثير من الاحيان يختارون على نحو تفضيلي أي شئ يجلب أكبر فائدة على المدى القصير على التقدم التدريجي نحو هدف طويل الأجل .
5. المحاسبة العقلية: هي فكرة أن الناس يفكرون في المال على نحو مختلف حسب الظروف .

أوجه الاختلاف بين الاقتصاد السلوكي والاقتصاد التقليدي

1. الاقتصاد التقليدي يرى ان التحليلات الاقتصادية والافتراضات حول الناس لا حاجة لكي تكون واقعية، أما الاقتصاد السلوكي يرى ان الافتراضات حول الناس يحب أن تكون واقعية .
2. في الاقتصاد التقليدي الناس لديهم المقدرة على اكتساب ومعالجة المعلومات الملائمة بكفاءة وفاعلية عاليتين، أما الاقتصاد السلوكي يرى أن الناس ليست لديهم القابلية على اكتساب ومعالجة المعلومات بطريقة فعالة، الناس عادة ذوي عقلانية محدودة حيث أنهم يقومون بأفضل ما يستطيعون في ضوء ما يواجهون من قيود .
3. في الاقتصاد التقليدي يستطيع الناس حساب التأثيرات المستقبلية القرارات الحالية، أما في الاقتصاد السلوكي لا يستطيع الناس دائما تقدير النتائج المستقبلية لقرارات الحاضر خاصة في ظروف عدم اليقين التي تحيط بعالمنا الواقعي .
4. الناس في الاقتصاد التقليدي يمكنهم دائما اتخاذ قرارات ذكية لا يشعرون معها بالإحباط والفشل، في المقابل يمكن للناس في الاقتصاد السلوكي عمل قرارات ينتهي بعضها بالفشل .
5. في الاقتصاد التقليدي يستطيع الناس دائما العمل في بيئة مثالية، حيث تتوفر لديهم جميع المعلومات التي يحتاجونها والوقت الكافي لعمل أفضل القرارات، أما في الاقتصاد السلوكي فإن الناس يواجهون بيئة تمنعهم من عمل أفضل الخيارات الممكنة.
6. تعظيم الدخل والثروة هو كل ما يهم في الاقتصاد التقليدي، أما في الاقتصاد السلوكي ليست الثروة والدخل هو المهم (العدالة، عمل الأشياء المناسبة، الاحتفاظ بالسمعة الحسنة، إسعاد الأهل والاصدقاء والجيران) هو الأهم حتى لو جاء ذالك على حساب الدخل والثروة .
7. الموقع النسبي لا يهم في الاقتصاد التقليدي لا يهم كم يحصل جارك من النقود، المهم كم تحصل انت، في الاقتصاد السلوكي الدخل النسبي له أهمية في السعادة تماما كما في الدخل المطلق .
8. الناس في الاقتصاد التقليدي لا يتأثرون بأي شئ او أي شخص آخر، أما في الاقتصاد السلوكي يتأثر الناس بظروفهم والزملاء والماضي.
9. الناس في الاقتصاد التقليدي تحكمهم المصلحة الذاتية وهذه هي الطريقة العقلانية الوحيدة، في الاقتصاد السلوكي بعض الناس تحكمهم المصلحة الذاتية ولكن التضحية والاخلاق هي أيضاً حوافز هامة للسلوك .
10. مقدار ما يبذله الناس من مشقة في العمل يفترض أن يكون ثابتاً في نقطة قصوى ولذالك لا يغير الناس طريقتهم في العمل، وانتاجيتهم لا يمكن ان تتأثر ببيئة العمل، أما في الاقتصاد السلوكي فان الكيفية التي يعمل بها الناس تتقرر ببيئتهم وتفضيلاتهم الشخصية وبالتالي فإن الانتاجية والتكاليف والأسعار يمكنها أن تتأثر ببيئة العمل .
11. في الاقتصاد التقليدي الناس دائما متشابهون، أما في الاقتصاد السلوكي يختلف الناس حسب أذواقهم ورغباتهم .
12. الأسواق في الاقتصاد التقليدي هي فعالة حتى عندما تبدو غير فعالة، الفاعلية موجودة في كل مكان، أما في الاقتصاد السلوكي غير فعالة ، وعندما تبدو غير فعالة فهي حقا غير فعالة.

تطبيقات الاقتصاد السلوكي في السياسات العامة والآثار المترتبة عليها

تطبيقات الاقتصاد السلوكي (وحدات السلوك)

إن الأعمال النظرية والتجريبية لدانيال كانيمان وايموس تفرسكي .Amos Tversky-Daniel Kahneman ساهمت في التأسيس لمفهوم التحيزات المعرفية والتي تعد عاملاً أساسياً في ظهور الاقتصاد السلوكي الذي أحرز من خلاله كانيمان جائزة نوبل عام 2002.

كما يعد كتاب الوكز Nudge: تحسين القرارات حول الصحة والثروة والسعادة للكاتبين ريتشارد ثالر، وكاس سانستين Richard Thaler, and Cass Sunstein الصادر سنة 2008 أحد أهم المؤلفات في الاقتصاد السلوكي وقد حصل مؤلفه الرئيسي ريتشارد ثالر على جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 2017.

وقد ركز ثالر على الفرص الكثيرة التي تتوفر لدى الحكومات لتحسين سياساتها العامة وتحسين قرارات الأفراد وشرح عدداً من التشوهات (الحالات الشاذة) في السلوك الاقتصادي كما عمل على تطوير التمويل السلوكي موضحاً كيف تتأثر القرارات المالية بالمراوغات النفسية التي تتداخل مع الدقة الرياضية الخالية من العيوب والمفترض أنها السمة المميزة للتمويل في السابق.

وعليه أنشأت بريطانيا أول وحدة بصائر سلوكية في العالم عام 2010 وأعلنت الحكومة البريطانية نيتها إغلاق الوحدة في حالة عدم تحقيق استفادة منها تفوق عشرة أضعاف تكلفة تشغيلها، والتي بلغت 500 ألف جنيه إسترليني سنوياً، وبالفعل فقد استمرت الوحدة في أداء عملها، وبلغت الوفورات أكثر من 20 ضعفاً تكلفة التشغيل، وكان للوحدة دور رائد في استخدام علم الاقتصاد السلوكي لمساعدة واضعي السياسات على تغيير السلوك من خلال التحفيز بدلاً من الضرائب أو القوانين.

ولم يكن استمرار الوحدة في العمل هو الإنجاز الوحيد، فقد مثل نجاحها في بريطانيا بداية لاتجاه عام لاستعانة الحكومات بالاقتصاد السلوكي، وتبعتها بإجراءات مشابهة دول أخرى منها أمريكا، أستراليا ، كندا، هولندا، الدانمارك، والنرويج وغيرهم، ثم بدأت دول مثل الهند، واندونيسيا، وسنغافورة، والعديد من الدول في تطبيق الاقتصاد السلوكي على سياساتها.

كما أنشأت المؤسسات الدولية المتمثلة في البنك الدولي ووكالات الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاتحاد الأوروبي وحدات بصائر سلوكية لدعم برامجها وتحسين سياساتها العامة مما أدى إلى إحصاء ما يفوق 130 وحدة بصائر سلوكية حول العالم بحلول نهاية 2018.

أما بخصوص الدول العربية، فقد أبكرت بإنشاء وحدات البصائر السلوكية كل من قطر، ثم لبنان، ثم الكويت في أواخر 2018 وذلك بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

إذن ، إذا استطاعت الحكومات وضع الإطار الصحيح لسياساتها الاقتصادية استناداً إلى أدوات الاقتصاد السلوكي، فيمكنها حينئذٍ توجيه سلوك الأفراد نحو الأفضل.

اظهرت العديد من الدراسات المتعلقة بالاقتصاد السلوكي حدوث تحولات ثلاثة مهمة في الدراسات الاجتماعية والاقتصادية تمثلت فيما يلي :
الأول: التعامل مع المجتمع من منطلق التأثير الذي يلعبه السلوك اليومي متناهي الصغر، وهذا خلاف النظريات الكلاسيكية التي ترى أن البناءات الكبرى كالسياسة والاقتصاد الكلي هي التي تعيد تشكيل المجتمع .
الثاني: ثبات نظرية المستهلك غير عقلاني، وسقوط نظرية المستهلك الرشيد .
لثالث: دراسة المجتمع وفق الواقع المعيشي، وليس وفق النظرية أو المثاليات أو ما ينبغي أن يكون.

من هذا المنطق برزت في السنوات الأخيرة نظرية الوكز، بوصفها أحد أهم المعالجات الفاعلة لتوجيه السياسات العامة في مجالات الصحة والاقتصاد والتعليم ضمن الاقتصاد السلوكي.

وحدات الترغيب والتوجيه السلوكي
إنشاء وتأسيس وحدة اقتصاد سلوكي لابد وأن تتوفر بها العديد من الإجراءات والمتطلبات سواء كانت قانونية وإدارية وفنية وتتسم بعدد من السمات يمكن أن نستعرض ذالك فيما يلي :
1. يمكن ان يتخذ تأسيس وحدات الترغيب والتوجيه السلوكي أشكالاً قانونية عديدة أبرزها :
-الشكل الحكومي: حيث تعمل وحدات الوكز السلوكية الحكومية كوحدات تخطيط وسياسات وخطط استراتيجية تقوم بتجارب ميدانية مستخدمة الرؤى والخلاصات السلوكية لاختبار فاعلية السياسات والبرامج، وفي بعض الاحيان تكون وحدات شبه حكومية .
-الشكل الاكاديمي: بأنشاء مجموعات للخلاصات السلوكية في الجامعات لنشر نتائج الترغيب في مجالات اكاديمية ومن الممكن ان تدخل في اعمال استشارية مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية.
-الشكل الخاص : ويشمل شركات القطاع الخاص ذات المنفعة العامة ومنها شركات الاستشارات الادارية العامة والشركات التي تعنى بالمجال الاجتماعي .
2. النفوذ: يختلف نفوذ هذه المراكز السلوكية باختلاف مواقعها في الدولة، حيث تتمتع هذه الوحدات بنفوذ واسع في المملكة المتحدة ودعم قوي من الإدارات العليا، الأهم من ذالك إن وجود نفوذ لهذه الوحدات يمكنها من بلورة شاملة على صعيد الدولة، ويعطيها القدرة على التركيز في الاولويات الاستراتيجية والاستفادة من الدعم والرعاية السياسية بعيدة المدى .
3. نطاق العمل: يختلف نطاق العمل لهذه الوحدات بحسب طبيعة عمل الادارة المرتبطة بها.
4. المنهجية: لا توجد منهجية واحدة في اطلاق هذه الوحدات، لكن هناك منهجان أساسيان الأول اطلاق تجارب السياسات عقب إنشاء الوحدة، الثاني إنشاء الوحدة ثم اختيار السياسات، وقظ يكون الاطلاق مزيجاً بين المنهجين.
5. الخبرة: ضرورة تنوع الخبرة والخلفية العلمية لفريق الوحدة السلوكية .
6. العلاقات الخاصة: ضرورة وجود علاقة قوية مع الأوساط الاكاديمية، إذ يعد ذلك عامل قوة ونجاح .
7. الاستشارات: ضرورة وجود مجالس استشارية من الاكاديميين والممارسين لتقديم التوصيات والاشراف على عمل هذه الوحدات .
8. المعيار الاخلاقي: يلزم وجود ميثاق اخلاقي للوحدة ( مجلس المراجعة الاخلاقية ) لحماية حقوق المشاركين من التلاعب.
9. المتابعة: ضرورة عقد اجتماعات ولقاءات رسمية وغير رسمية بين الممارسين والخبراء لتبادل المعلومات ومواكبة أحدث النتائج في الاختبارات ومناقشة التجارب والتطبيقات الجديدة للعلوم السلوكية .
10. ضرورة التفاعل المباشر مع ذوي العلاقة في المؤسسة المعنية بالاختبار بدءا من المستوى الادنى إلى المستوى الأعلى وهو أمر مهم في تقييم التجارب .
11. الإعلام والوعي: ضرورة نشر الوعي من خلال الموقع الالكتروني والتقارير الدورية الصادرة عنها، والحديث عن التجارب وذالك لبناء الثقة بين المواطنين وهذه الوحدات .
12. العمل الديمغرافي : لابد من أخذ السياق الثقافي والاجتماعي والاقتصادي لكل مجتمع ، فما ينجح في منطقة جغرافية قد لا ينجح في اخرى .

الإجراءات والتطبيقات الحكومية للاستفادة من الاقتصاد السلوكي في السياسات العامة

التالي هو الأدوات والإجراءات على بعض التجارب و التدخلات الحكومية في بعض البلدان ونتيجة كل تدخل منها:
– رسائل التنبيهات القصيرة ذات الطابع الشخصي: في المملكة المتحدة أرسلت رسائل إلى المتأخرين عن دفع الضرائب تحمل طابعا شخصيا، بأنه حالما لم يدفع الضريبة سيتم سحب سياراتهم كما تم ارسال صوره للسيارة مع الرسالة ولوحظ تحسن نسبة الالتزام بدفع المخالفة حيث ارتفع إلى نسبة ٣٠٪.
– تدريب الموظفين الحكوميين وتبسيط الإجراءات: في هولندا وبغرض تحسين الصورة العامة والنوعية حول عدالة الإجراءات الحكومية والاتصال النشط للتعامل مع شكاوي المواطنين، تم إعادة تصميم الإجراءات في اكثر من ١٦جهة حكومية، ونتج هم ذلك في هولندا هولندا زيادة وعي المواطنين حول عدالة الإجراءات الحكومية وثقتهم بالحكومة، كما تم خفض عدد من الإجراءات المكلفة
– تغيير بيئة القرار من خلال تغيير الخيار الافتراضي لموظفي بعض الشركات، بأن يتم فتح حساب ادخاري تلقائياً ، ويتاح له الخروج من البرنامج بحسب الطلب، في عدة دول بغرض زيادة نسبة المشاركين في برنامج الادخار بعد التغيير ب ٤٠شهر تبين ارتفاع نسبة المشاركين في الادخار من ٣.٥٪ إلى ١٣.٦٪.
– التأثير الاجتماعي تم أرسال خطابات للمواطنين في الولايات المتحدة ذوي الاستهلاك العالي للطاقة موضحا فيه استهلاكهم العالي للطاقة مقارنة بمتوسط استهلاك جيرانهم، وكان نتيجة ذلك بأن خفض ما نسبته ١٠٪ في مستوى استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية.

نلاحظ في التجربة الأولى التي طبقتها المملكة المتحدة في من خلال رسائل التنبيهات القصيرة ذات الطابع الشخصي فقد حققت التجربة نجاحا فقد ارتفعت نسبة الالتزام ل ٣٠٪ ، وفي التجربة الثانية والتي طبقتها هولندا باستخدام أداة تدريب الموظفين وتبسيط الإجراءات كانت نتيجتها زيادة وعي المواطنين حول عدالة الإجراءات الحكومية كما تم خفض عدد من الإجراءات المكلفة ، وتعد هذه التجربة قد أدت إلى نتائج ايجابية وحققت الهدف المطلوب، وفي التجربة الثالثة ومن خلال تغيير بيئة القرار لموظفي بعض الشركات بأن يتم فتح حساب ادخاري تلقائياً، ويتاح لهم الخروج من البرنامج حسب الطلب، وقد نفذت هذه التجربة في عدة دول حيث أدى ذالك إلى زيادة نسبة المشاركين في برنامج الادخار بعد التغيير ب ٤٠ شهر من نسبة ٣.٥٪ إلى ١٣.٦٪ ، وهذا يعد نجاح كبير للتجربة، وفي التجربة الرابعة والتي طبقت في الولايات المتحدة تم استخدام أداة التأثير الاجتماعي حيث تم أرسال خطابات للمواطنين ذوي الاستهلاك العالي للطاقة موضحا فيه استهلاكهم مقارنة بمتوسط استهلاك جيرانهم وقد كانت نتيجة ذالك خفض ١٠٪ في مستوى استهلاك الطاقة .

ومن خلال ما سبق يتضح جلياً أهمية استخدام أدوات الاقتصاد السلوكي في السياسات العامة لما يمكن أن يقدمه من خدمات بتكاليف أقل ، والمساهمة في تحقيق أهداف السياسات العامة ، وذالك من خلال ما يقترحه الاقتصاد السلوكي من طرق وأدوات تمكن صناع القرار من إثراء السياسات الحكومية وبرامجها وخدماتها والرفع من أدائها بإتاحة خيارات أفضل أمام الافراد بحيث تخفض في النهاية من أثار القرارات اللاعقلانية التي يتخذونها بالتوجيه أو بالتحذير ونشر المعلومات .
وقد اظهرت العديد من التجارب والدراسات المتعلقة بالاقتصاد السلوكي نتائج تؤكد إن الاقتصاد السلوكي يقوم بدور فعال في تحسين قرارات الافراد والمؤسسات ويفسر ما عجزت عنه الاقتصاد التقليدي . الأمر الذي يجعل من الاقتصاد السلوكي ذو أهمية لمعالجة الكثير من المشكلات التي عجزت النظرية الاقتصادية من معالجتها .

النتائج

وبالتالي فان أهم النتائج لعلم الاقتصاد السلوكي ما يلي:
1. الاقتصاد السلوكي فرع جديد من فروع علم الاقتصاد يمزج بين علم الاقتصاد والنفس وعلم الاجتماع ويهدف إلى الحد من آثار القرارات غير العقلانية وذالك من خلال تحسين القرارات باستخدام أساليب وتقنيات تساعد الأفراد والمؤسسات من اتخاذ خيارات أفضل.
2. الاقتصاد السلوكي يعطي تفسير علمي لما عجزت النظرية الاقتصادية عن تفسيره بافتراضها المسبق أن المستهلك عقلاني.
3. أثبتت التجارب التي طبقت أن الاقتصاد السلوكي يقوم بدور كبير في تحسين قرارات الأفراد والمؤسسات.
4. الاقتصاد السلوكي يساهم بدرجة كبيرة في تحقيق أهداف السياسة العامة بتكاليف أقل.

التوصيات

من خلال الدراسة والنتائج التي توصلت يوصي الباحث بما يلي :
1. نشر الوعي حول الاقتصاد السلوكي من أجل تحسين القرارات وتخفيض آثار القرارات غير العقلانية .
2. ضرورة اصطحاب وحدات الاقتصاد السلوكي عند عملية صنع القرارات للإستفادة من ما يقدمه من مقترحات تساهم في تحقيق أهداف السياسة العامة .
3. انشاء وحدات السلوك أصبحت ضرورة ملحة بعد ما ثبت فشل النظريات الاقتصادية من تقديم تفسير لكثير من القضايا الاقتصادية نتيجة لتصميم تلك النظريات التي تفترض افتراضات مسبقة في كثير من الاحيان تكون غير واقعية .
4. على الدول النامية أن تسعى لتأسيس وحدات اقتصاد سلوكي لتحقيق التنمية.

بقلم الباحث: صالح جمع محمد حامد