اقتصاديو العرب

ترسانة المرأة وأسلحتها الدفاعية والهجومية

ترسانة المرأة وأسلحتها الدفاعية والهجومية

لقد زين الله النساء بكثير من السمات، الجسدية والذهنية، المميزة لهن عن أشقائهن الذكور، وربما يرى البعض، والمرأة، نفسها من بينهم، وهي معذورة في ذلك، أن في ذلك نقصاً أو عيباً ينقص من قدر المرأة ومكانتها الاجتماعية والإنسانية.

ولكن البصير بخفايا الأمور والمستبصر بخباياها لا يرى في تلك السمات والصفات مظهراً من مظاهر السلبية، بقدر ما هي سمات مميزة لجنس المرأة ومفخرة لها تتيه بها على الجنس الآخر، أي جنس الذكور المفتولي العضلات. إن المرأة تفقد صوابها، تماماً، إن تمكن الرجل من جرها إلى ميدانه، وأنها لا محالة خاسرة أي معركة تجاري فيها أسلوب الرجل، وإنه لمن الحكمة والمنطق السليم ألا تبادل المرأة العنف بالعنف، بل عليها، في البدء، أن تستخدم حواسها وأن تعمد، بذكائها وخبرتها، إلى أن يكون النزال في معتركها هي وليس ميدان خصمها، أما الأمر الثاني، وهو الأكثر أهمية، أن تلجأ إلى ترسانتها الحصينة وإلى أسلحتها الضارية الفتاكة، والتي سنستعرضها ونبينها لها في الأسطر التالية.

وعلى المجتمع، السوي، أن يغير من نظرته، السالبة، تجاه المرأة وألا ينظر إليها باعتبارها ولية ضعيفة الجانب وكسيرة الجناح، وأنها امرأة لا حول لها ولا قوة ..

فالمرأة تملك ترسانة أسلحة كفيلة بأن ترهب أعتا وأقوى القادة العسكريين، إن هي أتقنت وأحسنت استخدامها، في حالتي الهجوم والدفاع، قال، صلى الله عليه وسلم :

“الدُّنْيَا كُلُّهَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المَرْأةُ الصَّالِحَةُ”.

وقال صلى الله عليه وسلم:

“تُنْكَحُ المَرْأةُ لِديِنَها وَجَمَالِهَا وَمَالِهَا، فّاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ” “تَرِبَتْ يَمِينُكّ”.

إن الناظر لتلك السمات المميزة والجاذبة للنكاح من النساء يجد أنها تمثل نوعاً من القوة، تلك القوة التي يمكن أن تسمى بالقوة الناعمة والتي يمكن، للأنثى، أن تعول عليها كوسائل هجومية ودفاعية في ذات الآن:

  • الجمال: إن أول ما يلفت نظر الذكور إلى الإناث هو حسنهن وملاحتهن الظاهرة للعيان، والجمال يتمحور في وجه المرأة لاسيما سحر العيون وفتنتها، يقول ابن الرومي:

ويلاه إن هي نظرة وإن هي أعرضت * وقع السهام ونزعهن أليم

ويقول آخر (الصيرفي):

إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حورٌ * وَتِلكَ أَعيُنُ مَن نَهوي وَتَهوانا
سُيوفُ أَلحاظِها في الجَفنِ مُغمَدَةً * قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيينَ قَتلانا
يَصرَعَنَّ ذا اللُبِّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ * وَسودُ أَجفانِها لِلبيضِ أَنسانا
يَعمَلَنَّ أَضعافَها فينا إِذا سَهِرَت * وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ إِنسانا

وفي الوجه تكمن زينة المرأة وتجتمع محاسنها، ففيه الوضاءة والجمال، والعيون والشفاه، والخدود الملاح، والجبين والمحيا الوضاح، وعلى الخدين تنسدل الضفائر، فيزداد الوجه على حسنه حسناً.

يقول إبراهيم الأسود:

كأن سواد الليل من ليل شعرها * ومن ثغرها البسام ينبثق الفجر

  •  الدموع: من غرائز المرأة أن قنوات الدمع لديها ممتلئة دائماً وهي جاهزة للفيضان في أية لحظة، والدموع من أمضى أسلحة المرأة وأكثرها فتكاً وتدميراً لصلابة الرجال، يقول الشاعر:

دُموع دَعاهنّ الهَوى فَأَجَبنه * تحدَّرن شَتّى وَاِلتَقَين عَلى الخَدِّ
تَكِلّ جُفون العَين عَن حَمل مائِها * فَتُبدي الَّذي أُخفي وَأَخفى الَّذي أَبدى

  • النسب والمال: المرأة العاطلة عن الجمال فربما لا تكون عاطلة عن النسب الحسيب أو المال، حيث يمثل كل من النسب والمال عنصراً من العناصر الفعالة لجذب الذكور نحو حياض الأنثى وبساتينها المحروسة بالحياء والعفاف، يقول ابن حبوس:

كَريمَةَ البَعلِ وَالآباءِ زَيَّنَها * أَصلٌ كَريمٌ بِعَبدِ اللَهِ يَتَّصِلُ

وقال جرير:

عُلِّقتُ جِنِّيَّةً ضَنَّت بِنائِلِها * مِن نِسوَةٍ زانَهُنَّ الدَلُّ وَالخَفَرُ

  • الحلي والزينة: إن المرأة تملك من الحيل والذكاء ما يغيب عن فطنة ذوي العقول من الرجال، ولن تعدم حيلة بأن تزيد من حسن صورتها وملاحة وجهها؛ وذلك باستخدامها للحلي ومجليات الوجه من المساحيق بجانب العطور يقول إبراهيم الحضرمي:

وللحلي إبراق عليها وعطرها * ينبه للتعانق من كان نائمًا

  • العذرية: تعد عذرية المرأة بمثابة التاج على رؤوس الملوك، فالفتاة التي تفقد عذريتها كالملك الذي فقد عرشه وصولجانه، وبهذا يمكن القول بأن عذرية الأنثى تمثل، لها، سلاحاً له الكثير من الفعالية، كما أنه يشكل عنصراً جاذباً للذكور نحو أنوثتها، وإن افتقرت الأنثى لغيره من الأسلحة الأخرى، ويشبه الشاعر الدماء على سيفه كأنها حمرة خدود العذارى، فيقول:

إذا ما النّجيعُ احْمرّ فوقَ فِرِندها * حكى وجْنةَ العذْراءِ من تحت رَشْحِها

  • الذرية: من لطف الإله ورحمته أن جعل النفس بفطرتها تهفو إلى حب الذرية والإنجاب، وما كان ذلك ليتم دون أن تنشأ علاقة حميمية بين الأنثى والذكر، ولننظر إلى زوجة أبي الأسود وكيف تغلبت عليه:
    “تنازع أبو الأسود الدؤلي وامرأته في ابن لهما وكل واحد منهما يقول: أنا آخذه. فقال أبو الأسود: حملته قبل أن حملته، ووضعته قبل أن وضعته، فقال امرأته: حملته خفاً وحملته ثقلاً، ووضعته شهوة ووضعته كرهاً، وكان حجري فناءه، وبطني وعاءه، وثديي سقاءه، فدفع القاضي الولد إلى أمه”.
  • الأنوثة: تعد أنوثة المرأة من أبرز وأمضى أسلحتها، لاسيما وأن الجسد هو الوعاء الحافظ للولد والمجلب للذرية، ولكن بشرط التقى والعفاف، يقول، صلى الله عليه وسلم:

“خير نسائكم الودود الولود المواسية المواتية إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم”.

  •  العقل: إن المرأة ليست بخلو ولا عاطلة عن العقل والادراك العقلي، إلا في نظر أولئك الذين خيمت على عقولهم سحب الغريزة الجنسية، فلم يروا في المرأة إلا جسداً عارياً، وإن كسته الملابس ومهما حجبته، عن العيون، الأستار، فجسد المرأة في عقول أولئك النفر، هذا إن كانت لهم عقول، عورة لابد من حجبه عن الأنظار وستره عن أعين الجميع. ولنستمع إلى هذه المرأة وهي تقارع أمير المؤمنين، عمر، رضي الله عنه، بحجتها التي غلبت بها ابن الخطاب.
    “خطب عمر، رضي الله عنه، فقال: لا يبلغني أن امرأة تجاوز صداقها صداق زوجات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا ارتجعت ذلك منها. فقامت إليه امرأة، فقالت: والله ما جعل الله ذلك لك، إنه تعالى يقول:

(وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) النساء: 20.

فقال عمر: ألا تعجبون من إمام أخطأ، وامرأة أصابت! ناضلت إمامكم فنضلته!.

ونختم حديثنا بهذه الأسطورة القديمة التي تبين، للقارئ، قدرة المرأة على الخروج من المآزق، تقول الحكاية: إن عملاقًا قد أراد السيطرة على أرض عملاق آخر، فلما سمع العملاق الثاني الخبر خاف وارتعب من قوة ذلك المارد الجبار، وظل يرتجف طوال الوقت، وعندما سمع خطوات عدوه تهز الأرض أيقن بالهلاك، فأغمي عليه من الخوف، فقامت زوجته وقطته وتركت رجلاه مكشوفتان، فجاء ذلك العملاق وهو يرعد ويتوعد، ولكنها قابلته بهدوء وقالت له: رجاءً لا تزعج الصغير، وإن أردت لقاء زوجي فالحق به في الحقل فإنه هناك يعمل. وعندما رأى العملاق ضخامة الأرجل، قال، في نفسه،: إن كان هذا هو الصغير فكيف يكون أباه. فهرول عائداً، من حيث أتى دون أن يسبب لأحد أذى.

اقرأ أيضاً: ريادة الأعمال: المفهوم، والأهمية، ولماذا يصبح الناس رواد أعمال؟

اقرأ أيضاً: استشراف المستقبل

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع اقتصاديو العرب © 2021