اقتصاديو العرب

الثروة السمكية

الثروة السمكية بين الإنتاج المحلي والتجارة الخارجية

تعتبر الثروة السمكية من أهم الثروات المائية الحية التى استغلها الانسان منذ القدم عن  طريق الصيد، حيث تساهم فى تحقيق الأمن الغذائي للشعوب، وتعتبر مصدراً هاماً للدخل القومي .

وتعد صادرات الأسماك من أهم الموارد الاقتصادية لبعض الدول مثل المغرب وموريتانيا وعمان والاكوادور.  حيث تعتمد هذه الدول على الاستزراع السمكي كمصدر ثابت للدخل القومي. فعلى سبيل المثال تعتمد دولة الإكوادور على صاردات الاسماك; حيث تحتل صادرات الجمبري مركزا متقدما بعد البترول ضمن هيكل صادراتها، ويحقق لها صادرات بمليارات الدولارات .

وإذا تطرقنا للثروة السمكية فى مصر، تلاحظ أن مصر تعاني صغر حجم الثروة الحيوانية، ومحدودية القدرة على زيادتها، علاوة على الزيادة السكانية المرتفعة، مما حدا بها للاتجاه نحو الاهتمام بالثروة السمكية خاصةً وأن المساحة المائية التي يمكن استغلالها فى مصر تزيد على ضعف المساحة الزراعية بها، وهى لم تستغل بعد ويمكن التوسع فيها .

ويشكل الصيد الطبيعى والاستزراع السمكي مصدري الانتاج السمكى فى مصر. وتتعدد أنواع الإنتاج المحلي للأسماك ما بين الاسماك البحرية كالقاروص والدنيس والوقار والسردين والمرجان والمكرونة وسمك موسى علاوة على الجمبري والكابوريا والسبيط، واسماك المياه العذبة كالبلطى والبياض والقرموط وقشر البياض، وأسماك المزارع كالبلطى والمبروك والبوري والقرموط.

وتشير البيانات الخاصة بمصادر الثروة السمكية فى مصر إلى ان اجمالي انتاج مصر من الاسماك من كافة مصادر الانتاج – وفقاً لبيانات عام 2021 – بلغ نحو 2 مليون طن  اسماك  منها نحو 1.6 مليون طن من الاستزراع السمكي وبما يمثل نسبة 80% من إجمالى الانتاج السمكي فى مصر، والباقى نحو 400 الف طن بما يمثل نحو 20 % من جملة الانتاج نحصل عليها من باقى المصادر المائية الطبيعية عن طريق الصيد من مصادر البحيرات الشمالية كبحيرة المنزلة والبرلس وأدكو ومريوط .

ونظراً للتزايد السكانى المستمر اتجهت مصر نحو مجال الاستزراع السمكي لسد الفجوة الغذائية، وذلك من خلال التوسع في إنتاج سلالات جديدة من الأسماك سريعة النمو وعالية الجودة لضمان توفير احتياجات السوق المحلية‏، وبالتالي تخفيض معدل الاستيراد. وتنتشر المزارع السمكية بكثرة فى محافظة كفرالشيخ حيث يمثل انتاجها نسبة خمس انتاج مصر من الاسماك، تليها محافظة دمياط والشرقية وشمال سيناء ومحافظة البحيرة.

وعلى الرغم من نجاح مصر في الاستزراع السمكي في المياه العذبة، إلا أنها مازالت تستورد نحو‏ 300‏ ألف طن من الأسماك سنويا . وعن تجارة مصر الخارجية من الأسماكل فقد بلغت نسبة الصادرات الـى الانتــاج المحـلى نحو 1%  فقط وهو ما يعكس ضعف حجم ما يتم تصديره من الاسماك المنتجة حيث يتجه أغلبها الى توفير احتياجات الاستهلاك المحلي. على حين أن نسبة الواردات الى الانتاج المحلي بلغت نحو 15% .

وحول تطور تجارة مصر الخارجية من الاسماك خلال الفترة من عام 2001 – 2020 زادت الصادرات المصرية من الاسماك من نحو 6.3  مليون دولار فقط عام 2001 إلى نحو 36 مليون دولار عام 2020 بمتوسط معدل نمو سنوي يبلغ 9 %  على حين زادت الواردات المصرية من الاسماك من نحو 76 مليون دولار عام 2001 إلى نحو 693 مليون دولار عام 2020. بمتوسط معدل نمو سنوي 12 % وبذلك فقد اتسع عجز الميزان التجاري السمكي من نحو 70 مليون دولار عام 2001 الى نحو 657 مليون دولار عام 2020.

ويتضح من ذلك أنه رغم ارتفاع القيمة المطلقة لواردات مصر من الاسماك مقارنا بصادراتها فإن معدل النمو لمركب الموضح اعلاه يعكس أن الصادرات والواردات نمتا بمعدل متوازن خلال الفترة 2001-2020 ، وهو ما يعكس استقرار تجارة مصر الخارجية من الاسماك عند مستويات نمو متوازنة لكلا من الصادرات والواردات وهو ما يدل أيضا على أن الجهود التى بذلت للنهوض بهذا القطاع لم تسفر عن نتائج ملموسة فى مجال سد فجوة الواردات مما يستلزم بذل مزيدا من الجهد فى مجال الانتاج السمكي حتى تستطيع مصر تنشيط صادراتها من الاسماك والحد من الواردات وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وبخصوص التوزيع السلعى والجغرافى لتجارة مصر الخارجية من الاسماك نجد أن الاسماك الطازجة أو المبردة تشكل نحو 66 % من صادرات مصر من الاسماك حيث بلغت صادراتها ما قيمته نحو 23 مليون دولار وفقا لبيانات عام 2020 ; أهمها الأسماك المفلطحة كسمك موسى، أسماك السلمون والتونة الطازجة، فضلا عن اسماك الدنيس والبورى من انتاج البحيرات المالحة.

وتتجه معظم هذه الاسماك الى اسواق ايطاليا واليونان وقبرص واسرائيل والاردن .ثم تأتى بعدها مجموعة الرخويات واهمها اسماك الاخطبوط المجففة والمجمدة والمملحة واسماك الاسكالوب والمحار والتى تجد أسواق لها فى دول جنوب شرق آسيا مثل هونج كونج، تايوان، سنغافورة بالاضافة الى دول الاتحاد الاوروبى مثل قبرص وايطاليا، واليونان .

ثم تأتى بعد ذلك الاسماك المجمدة واهمها الرنجة والسردين والاكباد والبطارخ وتتجه معظمها الى اسواق قطر والمانيا وغانا.

وتأتى بعد ذلك الاسماك المجففة والمملحة والمدخنة واهمها القد المجفف وشرائح الرنجة المدخنة وتتجه معظمها نحو اسواق بعض دول جنوب شرق آسيا مثل هونج كونج وسنغافورة فضلا عن بعض الدول العربية كالاردن والامارات وقطر بالاضافة الى كندا . وتصدر مصر كميات محدودة من الاسماك الحية وأهمها اسماك الانقليس الحية حيث تتجه الى اسواق هولندا والمانيا وقطر.

وتأتى بعد ذلك القشريات وأهمها الجمبرى وسرطان البحر الصخري والقشريات الاخرى التى تتجه لاسواق ايطاليا واليونان واندونسيا بالاضافة الى الاردن واليونان واسرائيل. وأخيرا شرائح السمك المجمد بمختلف أنواعه وغيرها من لحوم الاسماك والتى تتجه لأسواق فرنسا وسنغافورة وتونس والاردن.

ومن ذلك يتضح أن أسماك أسماك موسى والقاروص والدنيس، وهي من الأسماك البحرية، تعد أكثر الأسماك في مصر قابلية للتصدير، إذ تمثل ‏نسبة كبرى من صادرات مصر من الاسماك، وتمتاز بأنها تنجح تماما في المزارع السمكية العادية.  

كما يتضح أن صادرات مصر من الاسماك تتجه اساسا الى بعض دول الاتحاد الاوروبى والتى تستورد ما يفوق ثلاث آلاف طن من مختلف الانواع المتميزة من الاسماك، كما تتجه الصادرات الى بعض دول جنوب شرق أسيا فضلا عن بعض الدول العربية .

وعن التوزيع السلعي للواردات نجد أن الأسماك المجمدة تشكل نحو 70 % من واردات مصر من الاسماك حيث بلغت قيمتها نحو 500 مليون دولار وفقا لبيانات عام 2020 ; أغلبها من اسماك الماكاريل والسردين والسلامون، وهى الاسماك التى لا تنتج معظمها فى مصر مما نضطر لاسيرادها لسد احتياجات المجتمع لها، ويشجع على استيرادها انخفاض أسعار هذه النوعية المستوردة من الأسماك، فهي أقل سعراً من الأسماك التي تنتج محلياً، وبالتالي ستكون متاحة لجميع فئات المجتمع خاصة محدودي الدخل مما يحقق نوعا من التوازن في سوق الأسماك المصرية. وتأتى معظم هذه الاسماك من أسواق دول الاتحاد الاوروبى هولندا والنرويج وايرلندا بالاضافة الى اليابان.

ثم تأتى بعدها مجموعتى القشريات ( الجمبرى والقريدس والكابوريا وسرطان البحر ( الكركند) وشرائح السمك المجمد ( باستثناء سمك ابو سيف والمسنن) . وتعد دول آسيا وخاصة تايلاند وباكستان والهند واندونسيا وماليزيا والصين بالاضافة الى الامارات واليمن أهم أسواق توريد القشريات للسوق المصرية ، على حين تأتى شرائح السمك المجمد من أسواق اوغندا والصين والهند وسنغافورة والنرويج والولايات المتحدة الامريكية وكينيا وباكستان.

وتأتى بعد ذلك مجـموعة الرخــويات ( حبار الاسماك المجففة والمجمدة والمملحة) من أسواق الصين وايطاليا واليمن. على حين تستورد مصر كميات محدودة من الاسماك الطازجة أو المبردة ( أغلبها اسماك السلامون ) من اليمن والولايات المتـحدة والنرويج والسودان، والأسماك المـملحة والمـجففة والـمدخنة ( أغلبها سمك السلامون واسماك المحيط الهادى والاطلسى ونهر الدانوب بالاضافة الى الاسماك المدخنة) من أسواق المملكة المتحدة والهند والدنمارك والنرويج واليونان وايطاليا وفنلندا واليمن.

ولم تجد مجموعة الاسماك الحية طريقا الى مصر باستثناء كميات محدودة اغلبها اسماك زينة وأسماك السلمون المرقط حيا – بالاضافة إلى سمك الشبوط المستورد من ماليزيا والسعودية .

ومن ذلك يتضح أن واردات مصر من الاسماك تتركز فى الاسماك المجمدة أو المعلبة التى لا تنتج معظمها فى مصر كالماكاريل، والسردين ، والسلمون،  والرنجة والتونة، بالاضافة إلى مجموعة القشريات وبعض الأنواع الفاخرة من الانتاج البحرى كالجمبرى والجامبو والفيليه والكابوريا.

وعلى جانب أخر ، تتوزع الواردات على عدد متنوع نسبيا من الاسواق تشمل أسواق الاتحاد الاوروبى وأسواق دول أسيا وأسواق بعض الدول العربية والافريقية فضلا عن الولايات المتحدة الامريكية  .

وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية والأمارات والكويت وفرنسا واسرائيل واسبانيا ولبنان أهم الدول المستوردة للأسماك المصرية خلال عام 2020. على حين تعتبر هولندا أهم الدول فى تصدير الاسماك لمصر تليها الامارات العربية المتحدة والنرويج واسبانيا وسلطنة عمان. وبذلك فالإمارات العربية المتحدة شريك تجاري رئيسى لمصر فى جانبى الصادرات والواردات حيث تصدر مصر لها أنواع معنية من الأسماك على حين تستورد أنواعا أخرى .

ومن مشكلات تنمية الثروة السمكية ضعف الخصوبة فى البحر واستقباله للعديد من الملوثات من الدول المطلة عليه ، وتلوث بعض البحيرات والصيد الجائر بها ، فضلا عن الاستغلال السئ للاستثمارت السياحية فى البحر الاحمر واقامة القرى السياحية بدلا من استخدامها كمزارع تربية طبيعية لانتاج الاسماك ، واستمرار عمليات الصرف الصناعى والزراعى فى مياه البحيرات الطبيعية ، وضعف صناعة التبريد ، وعدم وجود بورصة للأسماك .  

وللنهوض بالثروة السمكية فى مصر ، يتطلب الأمر الحفاظ على الثروة السمكية والاستخدام الأمثل للمصادر الطبيعية للمياه ، وتوفير دراسات مستفيضة للمخزون السمكي، وتوفير البيانات المختلفة المتعلقة بهذا القطاع بهدف تحقيق التوازن بين حجم المخزون، وجهد الصيد الذي يمارس عليه، ويأتي تحقيق هذا التوازن من خلال عملية تسمى “إدارة استغلال المخزون السمكي”، التي تتخذ شكل قرارات تصدرها الجهات المعنية بالثروة السمكية، وتنفيذ تلك القرارات بالتعاون بين تلك الجهات وبين عدد آخر من الأجهزة العاملة في الدولة.

وتتناول قرارات إدارة استغلال المخزون السمكي عدداً من الأمور التي تهدف بشكل عام للحفاظ على المخزون السمكي من الاستغلال الجائر، والذي يؤدي على المدى البعيد إلى تدني قدرة المخزون السمكي على تجديد نفسه، وبالتالي تناقصه إلى مستويات يخشى معها من انقراضه، أو عدم قدرته على المحافظة على حجم يناسب جهد الصيد الذي يمارس عليه.

لقراءة الورقة البحثية بشكل كامل يرجى الاطلاع على الملف المرفق

 

اقرأ أيضاً: ريادة الأعمال: المفهوم، والأهمية، ولماذا يصبح الناس رواد أعمال؟

اقرأ أيضاً: استشراف المستقبل

اقرأ أيضاً: اقتصاد المعرفة

 

 

Powered By EmbedPress

جميع الحقوق محفوظة لموقع اقتصاديو العرب © 2021