اقتصاديو العرب

أهداف التنمية المستدامة- اقتصاديو العرب

التنمية المستدامة- الجزء الثاني

في الجزء الأول من سلسلة مقالاتنا المتعلقة بالتنمية المستدامة استعرضنا مفهوم التنمية المستدامة، والأبعاد المتعلقة به سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية، وفي الجزء الثاني من هذه السلسلة سنستعرض أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، بالاضافة الى مجموعة من أهم المبادئ التي تستند عليها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

اقرأ أيضاً: التنمية المستدامة- الجزء الأول

أهداف التنمية المستدامة لعام 2030

تسعى التنمية المستدامة من خلال آلياتها ومحتواها، إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، التي تصبوا إليها، والقواعد التي تتحقق من جرائها، والتي يمكن تلخيص أهمها فيما يلي:

الهدف 1: القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان

يتمثل جوهر التنمية المستدامة في تزويد الناس في جميع أنحاء العالم بالدعم الذي يحتاجونه لتحرير أنفسهم من الفقر بجميع مظاهره، ويركز هذا الهدف على القضاء على الفقر من خلال استراتيجيات مترابطة، بما في ذلك تعزيز نُظم الحماية الاجتماعية وتوفير العمالة اللائقة وبناء قدرة الفقراء على الصمود، ومع أن المعدّل العالمي للفقر المدقع قد انخفض بأكثر من النصف منذ عام 2000، فإن هناك حاجة إلى تكثيف الجهود من أجل زيادة الدخل، وتخفيف المعاناة، وبناء القدرة على الصمود لدى أولئك الذين ما زالوا فقراء، ويلزم توسيع نطاق نُظم الحماية الاجتماعية والتخفيف من المخاطر بالنسبة للبلدان المعرضة للكوارث، وهي بلدان تميل إلى أن تكون من أفقر بلدان العالم.

اقرأ أيضاً: اقتصاد الظل: ما بين اخفاء الحسابات واخفاء الجرائم

الهدف 2: القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسّنة وتعزيز الزراعة المستدامة

يتناول هذا الهدف حاجة الإنسان الأساسية إلى الحصول على غذاء صحي تغذوي، والوسائل التي يمكن من خلالها تأمين هذه الحاجة على نحو مستدام للجميع ولا يمكن التصدّي لمعالجة الجوع بزيادة إنتاج الأغذية وحدها، فالأسواق التي تعمل بشكل جيد، وزيادة دخول المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، والوصول المتكافئ إلى التكنولوجيا والأراضي، والاستثمارات الإضافية، كلها عوامل لها دور في خلق قطاع زراعي نشط ومنتج يبني الأمن الغذائي.

الهدف 3: ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار

على مدى السنوات الماضية، شهدت الصحة الإنجابية وصحة الأم والطفل تحسناً كبيراً، وانخفضت معدّلات الإصابة بالأمراض المعدية، وكذلك شأن الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير المعدية، وجرى النهوض بالخدمات الصحية من خلال تحسين رعاية الأمومة والرعاية الإنجابية، والبرامج الموجهة للقضاء على الأمراض ومكافحتها، بما في ذلك توفير تغطية أوسع نطاقاً للعلاج والتحصين، وزيادة التمويل لدعم البحوث الطبية والصحة الأساسية في البلدان النامية، غير أنه من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة عام 2030، يلزم توسيع نطاق هذه التدخلات، لا سيما في المناطق التي يرتفع فيها عبء الأمراض.

الهدف 4: ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع

التعليم الجيد وفرص التعلم مدى الحياة للجميع أمران أساسيان لضمان حياة كاملة ومنتجة لجميع الأفراد ولتحقيق التنمية المستدامة، وعلى الرغم من التقدّم الكبير المحرز في معدّلات الالتحاق بالمدارس، لا يزال الملايين من الأطفال خارج المدرسة، لا سيما حيث تكافح النُظم التعليمية لمواكبة النمو السكاني، وحتى عندما يلتحق عدد أكبر من الأطفال بالمدرسة، فإن الكثير منهم لا يكتسبون المهارات الأساسية، ويعوق التعليمَ الجيد نقصُ المعلمين المدربين والمرافق المدرسية الملائمة، وسيتطلب تحقيق هذا الهدف بذل جهود مكثفة تستهدف الفئات الضعيفة من السكان، وخصوصاً الأشخاص ذوي الإعاقة والسكان الأصليون واللاجئون وفقراء المناطق الريفية.

الهدف 5: تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات

شهدت المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة تقدّماً خلال العقود الأخيرة، ولوحظ تحسن في التسجيل في جميع المراحل الدراسية، ومع ذلك يستمر التفاوت الواسع بين الجنسين في بعض المناطق والبلدان في مراحل التعليم العالي، وقد انخفضت الوفيات النفاسية وزاد توفر الرعاية الماهرة أثناء الولادة. كما أحرز تقدّم في ميدان الصحة الجنسية والإنجابية والحقوق الإنجابية. إلى جانب ذلك تناقص معدّل الحمل لدى المراهقات، على أن عدم المساواة بين الجنسين يستمر في جميع أنحاء العالم، مما يحرم النساء والفتيات من حقوقهن وفرصهن الأساسية، وسيتطلب تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات تنشيطاً أقوى للجهود، بما في ذلك توفير الأطر القانونية، من أجل التصدّي للتمييز القائم على أساس الجنس وهو تمييز عميق الجذور وينتج في كثير من الأحيان عن المواقف الذكورية التسلطية والأعراف الاجتماعية المتصلة بها.

الهدف 6: ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وإدارتها إدارة مستدامة

تعتبر الموارد المائية المستدامة ضرورية لصحة الإنسان وللاستدامة البيئية والازدهار الاقتصادي، ويتعرّض هذا المورد الحيوي للتهديد، مما يوجب التصدّي للتحدّيات المتصلة بالمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية للسكان والنُظم الإيكولوجية المتصلة بالمياه، ويتأثر حالياً أكثر من بليوني شخص بالإجهاد المائي الذي سيتزايد مع النمو السكاني وآثار تغيّ المناخ، ولا يزال تحقيق الوصول الشامل إلى مياه الشرب والصرف الصحي والنظافة الصحية وضمان إدارة الخدمات بطريقة مأمونة يشكل تحدّيات رئيسية تعتبر مواجهتها أمراً بالغ الأهمية لتحقيق مزيد من التقدّم في مجالات الصحة والتعليم والقضاء على الفقر.

الهدف 7: ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة

يتطلب حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة توسيع إمكانية الحصول على الكهرباء والوقود والتكنولوجيات النظيفة للطهي، فضلاً عن تحسين كفاءة الطاقة وزيادة حصة الطاقة المتجددة، غير أن التقدّم المحرز في جميع هذه المجالات لا يرقى إلى المستوى اللازم لتحقيق الهدف بحلول عام 2030، وهناك حاجة إلى زيادة التمويل والأخذ بسياسات أكثر جرأة، إلى جانب توفر الاستعداد لدى البلدان لتبنّي تكنولوجيات جديدة على نطاق أكثر طموحاً بكثير.

الهدف 8: تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع

النمو الاقتصادي المطرد والشامل يدفع بعجلة التنمية عن طريق توفير المزيد من الموارد للتعليم والصحة والاستهلاك الشخصي والبنية الأساسية للنقل والمياه والطاقة، ويمكن أن يؤدي النمو الاقتصادي أيضاً إلى فرص عمل جديدة وأفضل، غير أن الحفاظ على نمو اقتصادي حقيقي مرتفع ليس بالأمر اليسير، ولم يتمكن سوى بضعة من أقل البلدان نمواً من الاقتراب باستمرار من معدّل النمو السنوي البالغ 7 في المائة المستهدف للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وعلاوة على ذلك، فإن النمو الاقتصادي ليس بالضرورة مستداماً عندما تستنفد البلدان مواردها الطبيعية من أجل النمو الاقتصادي، وبالتالي تنقل عبء التدهور البيئي والأضرار البيئية إلى الأجيال المقبلة.

الهدف 9: إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع المستدام الشامل للجميع، وتشجيع الابتكار

يمثل الاستثمار في البنية التحتية، وتحفيز التصنيع المستدام الشامل للجميع، ودعم التنمية التكنولوجية والبحث والابتكار ثلاث قوى دافعة للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، ويمكن لهذه العوامل أن تساعد البلدان على الحدّ من الفقر عن طريق إيجاد فرص عمل، وتحفيز النمو، وتشجيع بناء وتحسين المرافق المادية الضرورية لسير الأعمال التجارية والمجتمع، وفي السنوات الأخيرة، تحققت تحسينات مطردة في مجالات التنمية المستدامة الثلاثة هذه جميعها، غير أنه يتعين تجديد الاستثمار في أقل البلدان نمواً لإقامة البنى التحتية وضمان مضاعفة حصة الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي في تلك البلدان بحلول عام 2030.

اقرأ أيضاً: اقتصاد الدونات: اعادة التفكير بالاقتصاد من جديد

الهدف 10 : الحدّ من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها

كان التقدّم المحرز في الحدّ من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها متفاوتاً، وانخفض انعدام المساواة في الدخل في العديد من البلدان التي شهدت نمواً اقتصادياً متواصلاً، بينما ازداد في البلدان التي كان النمو فيها سلبياً، وفي الوقت نفسه، تستمر الحاجة إلى تعزيز صوت البلدان النامية في مجال اتخاذ القرارات الاقتصادية والمالية الدولية، وفي حين أن تحويلات العمال المهاجرين الدوليين يمكن أن تشكل شريان الحياة للأسر والمجتمعات المحلية في بلدانهم الأصلية، فإن ارتفاع تكلفة تحويل الأموال لا يزال يقلل من الفوائد.

الهدف 11 : جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة

وتيرة النمو الحضري لم يسبق لها مثيل، ففي مطلع القرن، ولأول مرة في التاريخ، تجاوز عدد سكان الحضر عدد نظرائهم في المناطق الريفية، وبحلول عام 2015 ، كان ما يقرب من 4 بلايين من الناس — 54 في المائة من سكان العالم — يعيشون في المدن، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 5 بلايين بحلول عام 2030. ويؤدي التوسع الحضري السريع إلى تحدّيات هائلة، تشمل فيما تشمله تزايد أعداد سكان الأحياء الفقيرة، وزيادة تلوث الهواء، وعدم كفاية الخدمات الأساسية والهياكل الأساسية، والتوسع الحضري غير المخطط له — مما يجعل المدن أكثر عرضة للكوارث. ومع ذلك، وبفضل التخطيط والإدارة الحضريين السليمين، يمكن أن تصبح المساحات الحضرية في العالم شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، فضلاً عن كونها محاور ديناميكية للابتكار والمشاريع.

الهدف 12 : ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة

تشكل أنماطُ الاستهلاك والإنتاج إدارةَ استخدام الموارد والآثار الاجتماعية والبيئية ذات الصلة، وهي بذلك تؤثر على الاستدامة، ويستخدم الإنتاج المستدام قدراً أقل من الموارد لتحقيق ناتج اقتصادي بنفس القيمة، كما أن الاستهلاك المستدام يقلل من الحاجة إلى الاستخراج المفرط للموارد، على أنه على مدى العقد الأول من هذا القرن، شهدت البصمة المادية ارتفاعاً على المستوى العالمي، وهذه البصمة تقيس كمية المواد الخام المستخرجة لتلبية الطلب النهائي على الاستهلاك عالمياً، وكذلك كمية المواد المستخدمة في عمليات الإنتاج، ويتطلب تحقيق هذا الهدف وجود أطر عمل وطنية قوية للاستهلاك والإنتاج المستدامين مدمجة في الخطط الوطنية والقطاعية، إلى جانب استدامة ممارسات الأعمال وسلوك المستهلك، كما يتطلب، أخيراً، التقيد بالمعايير الدولية المتعلقة بالمواد الكيميائية والنفايات الخطرة.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد الدائري والابتعاد عن الاقتصاد الخطي

الهدف 13 : اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدّي لتغيّ المناخ وآثاره

يُحدث تغيّر المناخ بالفعل أثراً عميقاً مثيراً للقلق في جميع أنحاء العالم، فقد استمرت درجات الحرارة العالمية في الارتفاع في عام 2016 مسجلة رقماً قياسياً جديداً بلغ نحو 1.1 درجة مئوية فوق فترة ما قبل التصنيع، وانخفض حجم الجليد البحري العالمي إلى 4.14 ملايين كيلومتر مربع في عام 2016، وهو ثاني أدنى مستوى تم تسجيله. وبلغت مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي 400 جزء في المليون. وسادت ظروف الجفاف في أنحاء كثيرة من العالم، متأثرة بظاهرة النينيو. وبالإضافة إلى ارتفاع منسوب مياه البحر ودرجات الحرارة العالمية، أصبحت الأحوال الجوية المتطرفة أكثر شيوعاً، كما أن الموائل الطبيعية مثل الشعب المرجانية آخذة في التراجع، وهذه التغيرات تؤثر على الناس في كل مكان، ولكنها تضر بشكل غير متناسب بالفئات الأشد فقراً والأكثر ضعفاً، وهناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات متضافرة لوقف تغيّ المناخ وتعزيز القدرة على الصمود أمام المخاطر المتفشية والمتزايدة المتعلقة بالمناخ.

الهدف 14 : حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة

تغطي المحيطات ما يقرب من ثلاثة أرباع الكوكب، وهي تضم أكبر نظام بيئي على الأرض، وتعتمد المجموعات السكانية الساحلية الهائلة الحجم في كل منطقة على المحيطات لتحصيل سبل العيش وتحقيق الازدهار، كما توفر المحيطات أيضاً خدمات بيئية لا تقدّر بثمن: فهي تولّد نصف الأكسجين الذي نتنفسه، وتدعم ثروة من الموارد البحرية وتعمل كمنظم للمناخ، ومع ذلك، وعلى الرغم من أهميتها الحاسمة، فإن الآثار المتزايدة لتغيّر المناخ (بما في ذلك تحمّض المحيطات) والصيد المفرط والتلوث البحري، تعرّض للخطر التقدّم المحرز في حماية محيطات العالم، وتعتبر الدول الجزرية الصغيرة النامية الأكثر عرضة للخطر، ونظراً لطبيعة المحيطات العابرة للحدود، تتطلب إدارة الموارد البحرية تدخلات على جميع المستويات (الوطنية والإقليمية والعالمية) للتخفيف من حدة التهديدات.

الهدف 15 : حماية النُظم الإيكولوجية البرّية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحّر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره،ووقف فقدان التنوع البيولوجي

يمكن أن تساعد النُظم الإيكولوجية المحمية والمرممة والتنوع البيولوجي الذي تدعمه في التخفيف من آثار تغيّ المناخ وتوفير قدر أكبر من القدرة على الصمود في مواجهة الضغوط البشرية المتنامية والكوارث المتزايدة، كما أن النُظم الإيكولوجية الصحية تنتج فوائد متعددة لجميع المجتمعات المحلية: فهي توفر الهواء النظيف والماء والغذاء والمواد الخام والأدوية، على سبيل المثال لا الحصر. وحتى الآن، كان التقدّم المحرز متفاوتاً في مجالات الحفاظ على النظم الإيكولوجية البرية واستخدامها المستدام وحماية التنوع البيولوجي، وقد تباطأت وتيرة فقدان الغابات، واستمرت التحسينات في إدارة الغابات على نحو مستدام وفي حماية المناطق التي لها أهميتها بالنسبة للتنوع البيولوجي، ومع ذلك، فإن تسارع فقدان التنوع البيولوجي، إلى جانب استمرار الصيد والاتجار غير المشروعين في الحياة البرية، أمر يدعو للقلق. وعلاوة على ذلك، فإن نحو خُمس مساحة اليابسة الأرضية التي تغطيها النباتات، في الفترة من عام 1998 إلى عام 2013، ما فتئت تظهر اتجاهاً نحو التراجع فيما يتعلق بإنتاجيتها، إن تدهور التربة والأراضي يقوض أمن جميع البلدان وتنميتها.

الهدف 16 : التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يُهمّش فيها أحد من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وإتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة، وبناء مؤسسات فعّالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع على جميع المستويات

لا يزال التقدّم المحرز في تعزيز السلام والعدالة، وفي بناء مؤسسات فعّالة وخاضعة للمساءلة وشاملة للجميع متفاوتاً عبر المناطق وداخلها، وتتناقص ببطء جرائم القتل، كما أن مزيداً من المواطنين في جميع أنحاء العالم باتوا يتمتعون بإمكانية أفضل للوصول إلى العدالة، بيد أن الصراعات العنيفة زادت في السنوات الأخيرة، وتسبب عدد من الصراعات المسلحة الشديدة الحدّة في وقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وأخرج ملايين الناس من ديارهم، وينتشر التفاوت على نطاق واسع: تشير البيانات إلى أن البلدان التي تعاني من ارتفاع التفاوت في الدخل تعاني أيضاً من ارتفاع مستويات العنف. كما أن البلدان والأقاليم الأكثر فقراً تميل إلى أن تكون مصدراً لضحايا الاتجار بالبشر وهي أكثر تعرّضاً للفساد. ولمجابهة ذلك، يجري وضع أطر ومؤسسات قانونية — على سبيل المثال، بشأن الحصول على المعلومات وتعزيز حقوق الإنسان — ولكن التنفيذ لا يتحقق دائماً.

الهدف 17 : تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة

هناك حاجة إلى التزام أقوى بالشراكة والتعاون لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فتحقيق هذه الأهداف سيتطلب سياسات متماسكة وبيئة مؤاتية للتنمية المستدامة على جميع المستويات ومن جانب جميع الأطراف الفاعلة، كما يتطلب تنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة. وتحقيقاً لهذه الغاية، حدّدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المجالات التالية باعتبارها حاسمة: تعبئة الموارد، والتكنولوجيا، وبناء القدرات، والتجارة، والتماسك في السياسات والمؤسسات، والشراكات بين أصحاب المصلحة المتعدّدين، ورصد البيانات والمساءلة. ويعتبر تحقيق وسائل تنفيذ الأهداف أمراً أساسياً لتحقيق خطة التنمية المستدامة، وكذلك التنفيذ الكامل لخطة عمل أديس أبابا. وقد أحرز تقدّم تدريجي في هذه المجالات، ولكن هناك حاجة إلى المزيد.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد التشاركي: من عالم الامتلاك الى عالم التشارك

مبادئ التنمية المستدامة

تقوم التنمية المستدامة على مجموعة مبادئ، تشكل الركائز التي تستند إليها في تحقيق استراتيجياتها الهادفة إلى تحقيق تنمية ورفاه الأجيال الحالية، وذلك دون المساس بقدرة و حقوق الأجيال القادمة في تلبية حاجياتهم نذكر أهمها:

 مبدأ الكفاءة في استخدام الموارد

ويعني التزام صانعي السياسات باستخدام مجموعة من آليات التوزيع والمراقبة المالية، كالأسعار والضرائب لتنظيم استخدام الموارد، أي استخداما كفؤاً للموارد الطبيعية المتاحة.

مبدأ المرونة

معناه قدرة النظام على التكيف والمحافظة على بنيته ونماذج سلوكه في مواجهة الاضطرابات الخارجية، لأنه إذا ما خسرت هذه النظم مرونتها تصبح أكثر عرضة للتهديدات الأخرى.

مبدأ العدالة

في هذا المبدأ تشير العدالة إلى انخفاض وتدهور قاعدة الموارد البيئية التي ينجم عنها عدم إرضاء احتياجات الشرائح الأكثر فقراً، لذا فإن التنمية المستدامة تتطلب مساعدة هذه الفئات، لأنه ليس لديهم خيار بديل عن تدمير بيئتهم.

مبدأ الاحتياط

هذا المبدأ منصوص عليه ضمن المبدأ الخامس عشر من إعلان (ريو) حول البيئة والتنمية، وهو بذلك يعطي معنى أولياً للمبدأ على أنه لا يحتج بالافتقار إلى اليقين العلمي، كسبب لتأجيل اتخاذ تدابير احتياطية لحماية البيئة. 

مبدأ الملوث الدافع

تم النص على هذا المبدأ لأول مرة سنة 1972 كتوصية من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وذلك بموجب الاتفاق الذي حدث بين أعضاء هذه المنظمة حول وضع سياسة تنموية قائمة على أساس هذا المبدأ ،ويقصد به حسب توصية هذه المنظمة ، جعل التكاليف الخاصة بالوقاية ومكافحة التلوث تحملها السلطة العامة على عاتق الملوث.

مبدأ المشاركة

هذا المبدأ يقر بمشاركة جميع الجهات ذات العلامة في اتخاذ قرارات جماعية من خلال الحوار خصوصاً في مجال التخطيط ووضع السياسات وتنفيذها ، فالتنمية المستدامة تبدأ في المستوى المحلي، ويعني أنها تنمية من أسفل التي تمكن الهيئات الرسمية والشعبية بوجه عام من المشاركة في خطوات إعداد وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية.

مبدأ الإدماج

ظهر هذا المبدأ ضمن الفصل الثالث من جدول أعمال القرن 21 في المتطلبات الرئيسية اللازمة لدمج الأبعاد البيئية عند وضع القرار، بما في ذلك المسائل المتعلقة بدمج البيئة والتنمية على مستويات السياسة و التخطيط والإدارة، و الإطار القانوني والتنظيمي ذي الصلة والاستخدام الكفء للأدوات الاقتصادية وحوافز السوق، وكذلك التوصية بإنشاء نظام محاسبي جديد يتضمن تلك الاعتبارات، حيث أصبح من الواضح بأن وضع الاعتبارات البيئية في حسابات المخططات الإنمائية بما في ذلك تقييم الآثار البيئية للمشروع قبل البدء في تنفيذه ، يعطي أبعادا جديدة لقيمة الموارد واستخدامها على أساس تحليل التكلفة و الفائدة، وكيف يمكن المحافظة عليها، فضلا عما سيعود عن ذلك من فوائد اقتصادية.

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع اقتصاديو العرب © 2021