اقتصاديو العرب

ماكرون والاسلام

هل كان الفرنسي ماكرون على حق في ما ذهب إليه من أوصاف ونعوت؟

أثناء تشييع جثمان مدرس التاريخ الفرنسي، الذي قتل على يد أحد المراهقين، قام الفرنسي ماكرون بصب جام غضبه على الإسلام والمسلمين ووصف المسلمين والإسلام بأسوأ النعوت، كما رأى ماكرون أن المسلمين يعيشون أزمات حضارية وفكرية.

ولو أننا تجاوزنا حدة الهجوم الذي شنه ماكرون، ووجدنا له العذر بسبب بشاعة الجريمة وفظاعة الحدث؛ علينا أن نتساءل هل كان ماكرون على حق في ما ذهب إليه من هجوم وأوصاف لا تليق بشخص في مكانته؟

والإجابة عن السؤال هي نعم، نعم كان ماكرون على حق في هجومه الضاري، يقول الشاعر:

تعدو الذئاب على من لا كلاب له * وتتقي حومة المستأسد الضاري

ألا يجب علينا أن نتساءل، لماذا كان ماكرون على حق؟ ولماذا استأسد على الإسلام والمسلمين؟

والإجابة هي الضعف والخنوع والذل والهوان، الذي اتصفت به الكثير من الجهات السياسية الرسمية وغير الرسمية من المنظمات والهيئات وغيرها من المؤسسات التعليمية التي تحمل لافتاتها لفظ أو صفة (الإسلامية)، وهي ليست بالقليلة بل كثيرة، ولكنها كغثاء السيل، إلا أن سهام اللوم والمساءلة يجب أن توجه نحو الكبار، من حيث الوظائف لا أكثر، والجالسين على قمة الهرم والهيكل المؤسسي في دولهم، وهم:

  • الرؤساء والحكام: رؤساء دول وحكومات العالم الإسلامي برمته ولا أستثني من بينهم أحداً، وبالأخص الحكام والرؤساء في العالم العربي، أولئك الذين لا حول لهم ولا قوة، ولا يملكون حتى أن ينشوا الذباب من على وجوههم، ناهيك بالأفعال الأخرى، إن لم يؤذن لهم بذلك من قبل سادتهم، أهل الحل والعقد، في الغرب.
  • سماحة إمام الحرمين: نعده بمثابة صمام الأمان وحامي حمى الإسلام، لماذا لم يكلف سماحته عقد مؤتمر صحفي، أو حتى يرسل مقالاً، مثل مقالنا هذا، إلى الصحف وغيرها من الجهات الإعلامية، لا نقول العالمية بل المحلية، على هوانها وضعفها؟
  • فضيلة إمام وشيخ الأزهر: إنه الإمام الأكبر وإليه تتوجه أنظار وأسماع المسلمين من كل حدب وصوب، لم نسمع له صوتاً، والتزم الصمت، هل هو نوع من الخوف؟ أم هو الخور والضعف؟، كيف يخاف بخساً من كان دينه الإسلام ومن ورائه تقف ترسانة مكونة من مليار وأربعمائة مليون مسلم؟
  • جامعة الدول العربية: لم نتعود من هذه المؤسسة، المحنطة، إلا الشجب والإدانة، ولكن حتى هذه، الرزيلة، لم تعد قادرة على القيام بمهامها، فهلا قبرناها دون حتى أن نترحم عليها؟
  • دول التعاون الإسلامي: هذه المؤسسة الضخمة والتي تأتي في المرتبة الثانية، بعد منظمة الأمم المتحدة، من حيث العدد (سبع وخمسون دولة)، ظل علماؤها، إن وجدوا، في ثبات كثبات أهل الكهف، بل ثبات أهل القبور.
  • الجامعات والمنظمات الإسلامية: من المؤسف أن تحمل لافتات تلكم المؤسسات والمنظمات صفة إسلامية، كيف تحمل مثل هذه الصفة ولا تستطيع، لا نقول شن الحروب، بل حتى مجرد الرد على ما تلفظ بها لسان ماكرون.

نعم لقد كان ماكرون على حق في كل ما ذكره وما تلفظ به لسانه من أوصاف ونعوت، فالذل والخنوع هو كل ما يملكه أولئك المليار وأربعمائة مسلم المنتشرين في بقاع العالم بكامله، ولو أنهم استخدموا، فقط قوتهم المعنوية، لأجبروا ماكرون وسواه على، لا أقول الإعتذار، بل الطأطأة والركوع لهم، ولكن الأمر برمته لا يتجاوز بيتي المتنبئ، شاعر العربية الفحل:

ذل من يغبط الذليل بعيش * رب عيش أخف منه الحمام
من يهن يسهل الهوان عليه * ما لجرح بميت إيلام

اقرأ أيضاً: الحروب العسكرية والعقوبات الاقتصادية، أيهما أوقع وأنكى؟

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع اقتصاديو العرب © 2021