اقتصاديو العرب

الطباعة ثلاثية الأبعاد

الطباعة ثلاثية الأبعاد

تعتبر الطباعة ثلاثية الأبعاد من أبرز التقنيات التي ساهمت في نشوء الثورة الصناعية الرابعة والتبني الناجح لتلك التقنية الجديدة، يُمكن أنْ يُعزز الإنتاجية العالمية بنفس القدر الذي حققه الكمبيوتر الشخصي والإنترنت خلال أواخر التسعينيات من القرن الماضي. وبالنسبة للمستثمرين فان الاقتصاديون يعتقدون أنَّ الثورة الرابعة تَعرض فرصاً للربح تُشبه تلك التي قدمتها الثورات التي سبقتها وربما تزيد عنها. فما هي الطباعة ثلاثية الأبعاد؟

اقرأ أيضاًتاريخ الثورات الصناعية: من المحرك البخارية وصولاً للإنسان الآلي

الطباعة ثلاثية الأبعاد طفرة تكنولوجیة تمثل تغیراً نوعیاً فى نظام الصناعة، وتسمى طباعة لأن عملها یماثل عمل الطابعة التي تعمل ببثق الحبر وتضع على الورق نقطاً دقیقة منه جنباً إلى جنب لتصنع خطوط الكتابة، وبدلاً من الحبر تستخدم الطباعة فى ثلاثة أبعاد خامات صناعیة.

أما أنها طباعة فى ثلاثة أبعاد فلأنها بدلا من بثق طبقة واحدة من الحبر على الورق لطباعة سطر واحد قبل أن تنتقل إلى سطر جدید، تعود إلى بثق طبقة رقیقة أخرى فوق الطبقة الأولى فى نفس السطر، وهكذا یتمثل أحد الأبعاد فى تحرك رأس البثق إلى الأمام والخلف حسب تعرجات الكتابة، ویتمثل البعد الثاني فى التحرك یمینا ویسارا، ثم یتمثل البعد الثالث فى التحرك إلى أعلى لوضع طبقة فوق طبقة إلى أن تصل الطباعة للارتفاع المستهدف. وبدلاً من تعرجات حروف الكتابة تتبع الطباعة تعاریج الشئ المراد صنعه، بتوجیه من برنامج على الحاسب، وبهذا یمكن إنتاج أي شئ، وباستخدام المواد المناسبة سوف یمكن إنتاج أي أنواع من الأدوات وأي أجزاء من المعدات والآلات، ویكفى الضغط على زر لبدء الإنتاج، وبأمر الطباعة تنتج الكمیة المطلوبة كل قطعة مماثلة لغیرها.

ظهرت من هذه الطابعات حتى الآن أنواع وأحجام كثیرة، وهى تستخدم الآن مواد كیماویة سائلة أو خیوطاً من أنواع من البلاستك، تنصهر خاماتها عند درجات حرارة منخفضة، وتجف بسرعة أثناء تشكیلها، وقد بدأ استخدام سبائك المعادن الخفیفة التي تنصهر عند درجات حرارة منخفضة، ومن المؤكد أن استخدام معادن أثقل أو مواد جدیدة كبدائل للمعادن لن یتأخر كثيراً، وعندما یبدأ استخدام المواد المناسبة سوف یبدأ إنتاج أجزاء المعدات الثقیلة ویكتسب الانقلاب الصناعي أبعاده الكاملة.

بأحجام مختلفة من هذه الطابعات سوف یمكن صنع أجزاء الآلات جزءاً جزءاً ثم یتم تجمیعها لتكوین الآلات، وتختزن الحاسبات برامج التصمیم وما یخص كل منتج من تعلیمات، وتختزل برامج التصمیم ذاتها باستخدام ماسح ضوئي فى ثلاثة أبعاد، یلتقط صور الأشیاء المطلوب صناعتها بأبعادها الثلاثة ویستخدم تلك الصور لصیاغة برامج الإنتاج، وبذلك یختزل وقت التصمیم ولا یحتاج الصانع لأن یتعلم برامج التصمیم، وبهذا الانقلاب تختزل معدات الإنتاج فى الصناعات الثقیلة إلى آلة واحدة، یمكنها إنتاج اجزاء جمیع أنواع المعدات، ویتم الإنتاج بدون فاقد فى الطاقة أو المواد، وبدون مخلفات، وبهذه الطفرة التكنولوجیة ینخفض أیضاً حجم المصانع لتشغل أصغر حیز مكاني مستطاع.

وینخفض حجم راس المال اللازم للصناعة عموماً وللصناعة الثقیلة بوجه خاص، ولا یقتصر وجود المصانع على المناطق الصناعیة بل تنتشر حتى فى الأحیاء السكنیة، إذ لا تخرج منها أیة ملوثات ولا تحدث ضجیجاً یمثل تلوثاً سمعیاً، وبوجود المصانع فى الأحیاء السكنیة تنخفض تكلفة نقل المنتجات وتكالیف التسویق، ویمكن أن یتم التسویق عن طریق الإنترنت لیتسع سوق أصغر المصانع ویمتد إلى أقاصي الأرض.

تنخفض أیضا تكالیف هذه الطابعات وأسعارها بسرعة وتتحرك على نفس المنحنى الذى مرت به أسعار الحاسبات حتى دخلت البیوت فى تسعينيات القرن الماضى، وتنخفض تكالیف تصمیم النماذج الجدیدة، ولا یتحتم حتى على المصممین استخدام أي برامج للتصمیم، إذ یمكنهم استخدام طابعات صغیرة تتخذ شكل القلم وتستخدم یدویاً، وبهذا یمكن التجریب لإنتاج ما یتخیله المصمم. وقد تعطى هذه الأدوات للأطفال لتنمیة مهاراتهم وإطلاق خیالهم الإبداعي.

الطابعات الثلاثية ستنقل العالم إلى المستقبل بطريقة أسرع، حيث الإنتاج سيكون أسرع وأقل كلفة والجودة أعلى وفي متناول الجميع.

اقرأ أيضاً: استشراف المستقبل

اقرأ أيضاً: اقتصاد المعرفة

اقرأ أيضاً: تطور التكنولوجيا والاقتصاد

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع اقتصاديو العرب © 2021