اقتصاديو العرب

الاقتصاد الرقمي

الاقتصاد الرقمي: التعريف والخصائص والأهمية، وتأثيره على التنمية في البلدان العربية

الاقتصاد الرقمي: التعريف والخصائص والأهمية، وتأثيره على التنمية في البلدان العربية

لقد أدى التطور والانتشار السريع لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات إلى تغيير أساليب ممارسة الأنشطة الإقتصادية وأساليب حياة الأفراد، فنتج عن ذلك نوع جديد من الاقتصاد يسمى بالاقتصاد الرقمي.

يشير الاقتصاد الرقمي إلى الاقتصاد الذي يعتمد على تقنيات الحوسبة الرقمية، كما يشار إلى الاقتصاد الرقمي أيضا باسم اقتصاد الإنترنت أو الاقتصاد الجديد أو اقتصاد الويب. على نحو متزايد، يتشابك الاقتصاد الرقمي مع الاقتصاد التقليدي، ما يجعل التحديد الواضح أكثر صعوبة.

اقرأ أيضاً: تطور التكنولوجيا والاقتصاد

اقرأ أيضاً: الاقتصاد المعرفي وأهميته للدول العربية

 

تعريف الاقتصاد الرقمي

يعرف الإقتصاد الرقمي على أنه ذلك الإقتصاد المرتبط بمفهوم مجتمع المعلومات الذي يعبر عن رؤية مستقبلية لعالم تكون فيه المعلومات الركيزة الأساسية للإقتصاد والعلاقات البشرية ككل متجسدة في بنية تحتية رقمية عالية كفيلة بتحقيق ذلك في شتى مجالات الحياة.

كما يعرف الاقتصاد الرقمي على أنه نمط اقتصادي متطور قائم على الاستخدام واسع النطاق للمعلوماتية وشبكة الأنترنت في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي وخاصة في التجارة الإلكترونية، مرتكزا بقوة على الإبداع والمعرفة والتطور التكنولوجي خاصة ما يتعلق بتكنولوجيات الإعلام  والإتصال.

يرتكز  الاقتصاد الرقمي على تطبيق التكنولوجيات الرقمية القائمة على الانترنت في جميع الاقطاعات والانشطة الاجتماعية والاقتصادية، سواء في عملية انتاج السلع والخدمات والتجارة، أو في الاستخدام والاستفادة، مما أدى إلى انعاش القدرة التنافسية لمختلف القطاعات وتوفير فرص جديدة في أنشطة الأعمال وتحسين نوعية السلع والخدمات المقدمة وتطوير المشاريع، واتاحة سبل جديدة للوصول إلى الأسواق الخارجية.

وينظر إلى الاقتصاد الرقمي كفرع من علم الاقتصاد؛ لدراسة السلع غير الملموسة ذات “التكلفة الحدية الصفرية”  عبر شبكة الإنترنت، والذي لاقى رواجًا ملحوظاً في السنوات الأخيرة، متفوقاً على  الاقتصاد التقليدي من عدة جوانب.

كما بدأت أشكال جديدة لتطوير المشاريع تحت تأثير التغير التكنولوجي، ومن بين التكنولوجيات والعمليات الرئيسية البارزة في ظل الاقتصاد الرقمي:

  • معدات الانتاج المتطورة،
  • نظم التحكم الآلي،
  • أتمتة عملية الصنع،
  •  المصادر الجديدة للبيانات القائمة على الأجهزة المحمولة والربط الواسع النطاق بالأنترنت،
  •  الحوسبة السحابية،
  • الدراسات التحليلية للبيانات الضخمة،
  • الذكاء الاصطناعي

التنميةإن هذه التكنولوجيات والإمكانيات المنبثقة عن القوة الشبكية للاقتصاد الرقمي تجسد قدرته على إعادة تعريف التعاون والقيادة، ورفع الإنتاجية البشرية، وتغيير الطريقة التي يعيش ويعمل بها الأشخاص، وطرق ممارسة المؤسسات لأعمالها، حيث أصبح ذلك حقيقة في معظم البلدان المتقدمة والناشئة، مما أصبح يؤثر في إمكانات النمو والتنمية فيها.

وللاقتصاد الرقمي دور حاسم في إنشاء مجتمعات “ذكية” حيث تستخدم جميع الجهات الفاعلة، السلطات الحكومية وقطاع الأعمال والمواطنون، أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وخدماتها لاتخاذ قرارات فعالة، والاقتصاد الرقمي أساسي أيضاً للحد من أوجه عدم المساواة.

ولا تقتصر أهمية الاقتصاد الرقمي فقط في معالجة بعض المشكلات الملحة، مثل استنفاد الموارد الطبيعية، والتبعية،  والبطالة، وعدم كفاءة الحكومة،… فحسب، بل له فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة للأفراد والمجتمعات في مختلف المستويات، حيث يسمح بأتمتة العمليات التجارية مما يؤدي إلى تقليل تكاليف المعاملات، تحسين الكفاءة التشغيلية وزيادة القدرة الإنتاجية، علاوة على ذلك، فإنه يوفر فرص عمل جديدة لأعداد الشباب المتزايد، مما يؤثر على التوظيف وريادة الأعمال وتسريع النمو الاقتصادي. كما أنه يعزز تقديم الخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم وتحقيق الشفافية، كما يحسن التفاعل بين المواطنين وحكوماتهم. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر التحول الرقمي على العلاقات البشرية والسلوك الفردي، من خلال تسهيل التواصل والاندماج الاجتماعي.

خصائص الاقتصاد الرقمي

يختلف الاقتصاد الرقمي الجديد عن الاقتصاد التقليدي بالنقاط الأتية:

  • يعتمد الاقتصاد الرقمي على المعلومات والترابط الفوري في القطاعات الإقتصادية كافة؛
  • يعتمد الاقتصاد الرقمي على التقنية الحديثة والإبداع الفكري، فيما يعتمد الاقتصاد التقليدي على استغلال الموارد المتاحة؛
  • لا يمكن نقل ملكية المعرفة في الاقتصاد الرقمي، على خلاف عناصر الإنتاج في الاقتصاد التقليدي؛
  • إن عنصر الإنتاج في الاقتصاد الرقمي يتمثل في المعرفة، فيما يتمثل في الاقتصاد التقليدي بالعمل ورأس المال؛
  • إن العاملين في الاقتصاد الرقمي يستعملون الرموز والبرامج، أكثر من الآلات التي يستعملها الاقتصاد التقليدي؛
  • تعدّ المعرفة سلعة عامة في الاقتصاد الرقمي، بعد اكتشافها وتعميمها ليصبح استعمالها مجانياً، مع تأمين براءات الإختراع وحقوق الملكية والعلامات التجارية، حماية لحق منتج المعرفة، الذي أوجد مجموعة من السلع غير الملموسة كالأفكار والتصميمات والبرامج، أي إحلال طاقة ذهنية علمية محل جزء من المادة الأولية.

أهمية التوجه نحو الاقتصاد الرقمي

  • تعد وسيلة متميزة وغير مسبوقة للوصول إلى الأسواق العالمية في وقت واحد بأقل النفقات؛
  • يعتبر وسيلة فعالة للقيام بعقد الصفقات بين المتعاملين عن طريق الاتصال الالكتروني المباشر بينهم؛
  • يؤدي إلى تبادل المنافع بين المتعاملين من بائعين ومشتريين، كما يعمل على ترشيد القرارات المتخذة، بما يتميز به من تدفق المعلومات في الوقت المناسب وبطريقة منسقة ودقيق؛
  • يساهم في تبسيط وتنظيم عمليات المشروعات وتحقيق أهدافها عن طريق القضاء عن التأخير في إصدار القرارات الإدارية ومنع الأخطاء وتخفيض التكاليف وبالتالي المحافظة على حقوق أصحاب المشروع وزيادة الربحية؛
  • يساعد الشركات على اتباع نظم التصنيع الحديثة التي تتم بمساعدة الحاسب الإلكتروني من حيث تحديد تعاقب عمليات التشغيل وأسلوب التشغيل على أجزاء المنتج، وعمليات التحكم والرقابة، وتخطيط الاحتياجات من المواد وموارد التصنيع والتوقيت المحدد؛
  • إزالة الحواجز الجغرافية والزمنية، وتحسين التعامل مع القيود التكليفية.

اقرأ أيضاً: ريادة الأعمال: المفهوم، والأهمية، ولماذا يصبح الناس رواد أعمال؟

اقرأ أيضاً: استشراف المستقبل

متطلبات الاقتصاد الرقمي

يتطلب الاقتصاد الرقمي توفر العديد من المتطلبات الأساسية، ويمكن تلخيص الدعائم  الأساسية للتحول فيما يلي:

  • التعليم: يعتبر التعليم الدعامة الأساسية لاقتصاد المعرفة، فلا يمكن لأية دولة كانت أن تتوجه إلى الاقتصاد المعرفي دون أن تمتلك رأس مال البشري المؤهل.
  • الإبداع والابتكار: تعتمد الدول المتقدمة على الابداع والابتكار والتطوير للمحافظة على مكانتها استمرارها في عالم تشتد فيه المنافسة، ومن الممكن انطلاقا من الابداع الوصول إلى ابتكارات تؤدي إلى ادخال تكنولوجيات ومنتجات جديدة، والتي تؤدي إلى تحقيق التحول الرقمي و النجاح الاقتصادي.
  • النظام الاقتصادي والمؤسسي: إن التكيف مع التغيرات العالمية لم يعد يقتصر على القطاع الخاص فحسب، بل كذلك مؤسسات الدولة عبر تطوير النظم والخدمات وتحديث البنى التشريعية الداعمة للتحول الرقمي.
  • البنية التحتية: إن امتلاك بنية أساسية قوية لتكنولوجيات المعلومات والاتصال من شأنه أن يساعد في رفع سرعة وكفاءة تبادل المعلومات بين الدول، وفي سد الفجوات بالنسبة لاكتساب المعرفة وانتاجها وتبادلها وتطبيقها.

تأثير الاقتصاد الرقمي على التنمية في البلدان العربية

يمثل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ركيزة اقتصادية رئيسية للاقتصاد الرقمي، وتتفق العديد من الدراسات أن الاستثمار بطريقة سليمة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يولد منافع هائلة لنمو الاقتصاد، ولقطاعات الخدمات المتنوعة، مثل الصحة والتعليم، ….. لذا يجب تطوير مؤشرات ملائمة لقياس مساهمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نمو الاقتصاد الوطني. 

وفيما يلي بعض جوانب تأثير الاقتصاد الرقمي على التنمية في الدول العربية:

تأثير الاقتصاد الرقمي في المجال الاقتصادي

تتغلغل مزايا التكنولوجيات الرقمية لتمس الاقتصاد برمته، ففي قطاع الأعمال، تشجع الإنترنت على اندماج الشركات في الاقتصاد العالمي، من خلال توسيع نطاق التجارة ورفع إنتاجية رأس المال وتكثيف المنافسة في السوق ، فالتكنولوجيات الرقمية تخلق فرصا لتسريع النمو، تخفيض التكاليف والتفوق على المنافسين.

ورغم أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قد تطور بطريقة مقبولة في المنطقة العربية في الأعوام الأخيرة، في غير أن هناك نقصا البيانات الإحصائية لقياس أثر الاقتصاد الرقمي ونموه في المنطقة العربية على عكس البلدان المتقدمة.

وبالرغم من عدم توفر بيانات عن إيرادات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالعديد من الدول العربية، لكن مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان، قد تراوحت خلال السنوات الأخيرة الماضية بين 0.6% و 6%.

وتأتي هذه المساهمات أساساً من الاتصالات، ويرجع ذلك إلى تركز القيمة المضافة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البلدان العربية في خدمات الاتصالات، حيث تصل هذه النسبة عموما إلى 80 % من مجموع القيمة المضافة للقطاع في العديد من البلدان النامية، مقارنة مع 30 % في الاقتصادات المتقدمة لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي..وتتوزع النسبة المتبقية من المائة غالباً على خدمات تكنولوجيا المعلومات، الأجهزة وبرامج الحاسوب.

تأثير الاقتصاد الرقمي في المجال الاجتماعي

يعبر الأثر الاجتماعي عن مدى تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الحصول على الخدمات الأساسية (الصحية والتعليمية والمالية) وتشجيع الاندماج الاجتماعي، وزيادة فرص العمل، والربط بين المجتمعات، وتقليص أوجه عدم المساواة.

ويمكن أن يكون للتحوّل الرقمي للحكومات أثر إيجابي على المجتمعات، بما في ذلك رقمنة المعلومات وجعل الخدمات ذاتية التشغيل….. ويمكن أن يساهم استخدام التكنولوجيات الرقمية، مثل الحوسبة السحابية وإنترنت الأشياء، بالمنطقة العربية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتصلة بالنقل والصحة والبيئة.

تحديات الاقتصاد الرقمي بالمنطقة العربية

تبين النتائج أن الدول العربية تواجه تحديات عديدة تعيق عملية التحول الرقمي، فبالرغم من أن لكل دولة أولويات خاصة واختلاف التحديات التي تواجه عملية التحول الرقمي من دولة إلى أخرى، إلا أن المنطقة العربية تشترك في كثير من التحديات والمجالات التي تستلزم تضافر الجهود للتغلب عليها، وتتمحور هذه التحديات حول أربع مجالات رئيسة وهي: رقمنة الحكومة، وشركات القطاع الخاص، توفير التمويل، الابتكار والقدرات البشرية.

وفي ظل الأزمة التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا وانخفاض معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي في العالم بأسره، يعد تسريع جهود الرقمنة في المنطقة العربية ضرورة ملحة، من خلال إعادة تقييم الأولويات وإعطاء قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأولوية، بتوفير البنية التحتية للاتصالات السريعة ونشر التكنولوجيا، من أجل دعم التحول الرقمي الذي تتطلبه أهداف التنمية المستدامة.

وباعتبار الدور الرئيسي للمورد البشري والابتكار في مجالات التكنولوجيا في عملية التحول الرقمي، يتوجب على الدول العربية وضع خطط لرفع مستوى التمويل في هذا المجال، لا سيما في ظل نقص الكفاءات والمهارات الرقمية، وذلك من خلال زيادة نسب الإنفاق على البحوث والتطوير وبرامج بناء القدرات التي تستهدف الأعمال وتطوي ر المجتمع وتطوير فرص العمل في التقنيات الجديدة، بما في ذلك التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وغيرها من  التكنولوجيات الحديثة والناشئة.

كما أنه في ظل تنامي المخاطر التي أدخلتها التقنيات والتطبيقات الجديدة، بما في ذلك المخاطر الأمنية، في ظل نقص التشريعات اللازمة للتعامل مع هذا النوع الجديد من الاقتصاد بالدول العربية ونقص الثقافة الرقمية لدى المواطن، لذا يتعين على الحكومات العربية توفير السياسات والتدابير القانونية واتخاذ خطوات حاسمة لحماية البيانات الحساسة وخصوصية الأشخاص والحد من هجمات الإنترنت والجرائم الإلكترونية، لضمان تجربة تحول رقمي آمنة في جميع المجالات. وعلى مستوى الإقليم يتمثل التحدي في عدم وجود مبادرات مشتركة، حيث أثبتت التجارب بالدور المتزايد للقيادة والتعاون ودورهما في النهوض بالأجندة الرقمية للإقليم ككل.

اقرأ أيضاً: تأثير الهالة وكيف يتم استثمارها في التسويق للعلامات التجارية

اقرأ أيضاً: البيانات الضخمة وواقعها في البلاد العربية

اقرأ أيضاً: التنمية المستدامة- الجزء الأول

فكرتين عن“الاقتصاد الرقمي: التعريف والخصائص والأهمية، وتأثيره على التنمية في البلدان العربية”

  1. Pingback: التأمين الرقمي (تكنولوجيا التأمين) - اقتصاديو العرب

  2. Pingback: كيف نواكب الاقتصاد الرقمي - اقتصاديو العرب

التعليقات مغلقة.